أكد باحثون من جامعة ميسوري الأميركية، أن القلق من العمليات الحسابية قد يصيب الأطفال ابتداءً من المرحلة الابتدائية، وقد يشيع في المرحلة الإعدادية حين يواجهون مسائل أشد تعقيدًا.وأشار الباحثون في نتائج الدراسة التي نشرت يوليو/تموز 2023، إلى أن هذا النوع من القلق يمكن أن يصيب الأطفال الذين يتمتعون بمهارات حسابية مميزة.ولا تقل احتمالية تعافي الطفل من حالة الخوف بمرور السن دون علاج، إذ يعاني حوالي 20% إلى 25% من الأطفال من مستويات معتدلة أو مرتفعة من قلق الرياضيات، بحسب تقييم شاركت فيه 34 دولة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أفادوا بأن 59% من الطلاب بين سن 15 و16 عامًا يخافون "الفشل" في الرياضيات.ماذا يعني القلق من الرياضيات؟تعرّف أستاذة علم النفس التربوي في جامعة شمال كولورادو مولي جيسون، القلق من الرياضيات بأنه "شكلٌ من أشكال الخوف الذي ينتاب الفرد عند حل معادلة رياضية، أو عند تقييم مستواه الرياضي، أو حتى مجرد التفكير بالأرقام"، حسبما نشر موقع الرابطة الأميركية لعلماء النفس.وقالت جيسون إن الذين يعانون من قلق العمليات الحسابية لا يفتقرون لمهارات حلها بالضرورة، إلا أن حالة القلق المبالغ بها تعيقهم عن استخدام المهارات المعرفية التي يحتاجونها لحل العمليات الحسابية، وتؤثر بالتالي على أدائهم في المدرسة، بل حتى على خياراتهم الجامعية والوظائف المستقبلية.كما لا يمكن الخلط بين القلق عموما، والقلق من العمليات الحسابية رغم تشابه الأعراض؛ إذ يعاني الطفل المصاب بقلق العمليات الحسابية من تقليل تقديره لذاته، وقدراته، وتوقع الفشل، والتغيب عن حصص الرياضيات، والتهرب من الحل، مع أعراض أخرى مثل احمرار الوجه، وزيادة التعرق، وتسارع نبضات القلب، وتشوش الأفكار.لماذا يكره طفلكِ الرياضيات؟يرى علماء النفس أن اكتشاف سبب تطور القلق لدى الطفل هو أول خطوة في علاجه. فهناك أسباب عامة يعرفها الجميع، فلا مجال لوجهات النظر في المسائل الرياضية، على عكس اللغات، والعلوم الاجتماعية، التي تتيح للطفل التعبير بسلاسة عن إجابته، في حين لا تحتمل الإجابة عن العملية الحسابية نتيجتين مختلفتين، وينتج عن أي خطأ في مراحل الحل إجابة خاطئة دون شك، ما يزيد من القلق لدى الطفل.وتضيف أستاذة علم النفس التنموي والتربوي في جامعة ولاية فلوريدا الأميركية كولين جانلي، في تقرير دراسة نشرتها مجلة "الإدراك العددي" في عام 2019، أن "القلق من العمليات الحسابية ليس صعبًا فحسب، بل هو مؤلم أيضا"، إذ كشف اختبارها لألف مشترك، خضعوا للرنين المغناطيسي الوظيفي، نشاطا ملحوظا في المناطق المرتبطة باكتشاف التهديد والألم بالدماغ بمجرد توقع إجراء عملية حسابية، ما يدفعهم إلى تجنب التهديد، مهما كانت المكاسب.كما كشفت أدلة الدراسة عن ارتفاع النسبة بين الإناث، وارتباطها طرديا بالقلق العام وقلق الامتحان، مؤكدة أن البعض قد يعاني من قلق العمليات الحسابية فقط.كيف تساعدين طفلكِ؟1- ابحثي عن السبب: أكدت جيسون أن البيئة المحيطة بالطفل قد تكون سببًا مباشرًا في قلقه، مثل التعليقات السلبية حول أدائهم في الرياضيات، أو قدراتهم الحسابية، أو حتى المعلمين الذين يتبعون أساليب سلطوية ولا يسمحون بالأخطاء ويعرضون الأطفال لضغط الإجابة أمام زملائهم، ويتنمرون عليهم إذا أخطؤوا.2- ابدأي مبكرًا: يظن الناس أن المهارات الرياضية مرتبطة بالذكاء الفطري، وهي شيء إما أن تمتلكه أو لا تمتلكه، لكن يمكن لأي طفل أن يبرع في الرياضيات، بشرط أن يتعلم مهاراتها الأساسية في سن صغيرة، لأن تعلم الرياضيات تراكمي. ووجد علماء النفس والتربية أن ما قبل المدرسة يعد أفضل وقت لتعلم المهارات الأساسية، من خلال اصطحاب طفلكِ إلى السوبر ماركت، وتوليه مهام العد والجمع البسيطة.3- قيّمي الحالة: نوهت أستاذة علم النفس المعرفي التنموي في جامعة كنتاكي الأميركية بوغا سيدني، في تقرير لموقع الرابطة الأميركية لعلماء النفس، إلى ضرورة استبعاد إصابة طفلكِ بعسر الحساب، وتعد تلك حالة ليست شائعة يعاني فيها الأطفال من ضعف القدرة على الحساب، والعد التنازلي، وفهم رموز الجمع والطرح.4- انتبهي لكلامكِ: تجنبي نطق أي عبارة تشير إلى أن مادة الرياضيات صعبة، أو معقدة، أو غير ممتعة، وانتبهي للكلام السلبي الذي يردده طفلكِ عن فشله وغبائه، وقابليه بكلام مشجع، وازرعي في عقله الاعتقاد بأن القدرات تتحسن بمرور الوقت وكثرة المحاولات.5- امدحي الجهد: ساعدي طفلكِ على المرونة الذهنية بمدحكِ الجهد وليس النتائج، فامدحي اجتهاده في تعلم مهارة رياضية جديدة وصعبة، بدلًا من المبالغة في تقدير الدرجة التي حصل عليها في اختبار الرياضيات....
تقف العديد من الاضطرابات حائلا بين الطفل والتعلم، ولعل أبرز هذه الاضطرابات عسر القراءة والكتابة والحساب. وفي هذا الإطار، يدعو اختصاصيون إلى ضرورة فهم هذه الاضطرابات قبل البت في البحث عن طرق علاجها.وأكدت الكاتبة باسكال سنك، في تقريرها الذي نشرته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، أن هذه الأنواع من الاضطرابات تصيب ما بين 5 و10% من الأطفال، أي ما يعادل طفلين إلى ثلاثة في كل فصل. ووفقا لمختصين، فإن هذه الاضطرابات تعرقل مسيرة الأطفال التعليمية، وهو أمر خارج عن إرادتهم نظرا لأنها على علاقة بتطور الخلايا العصبية.وأفادت الكاتبة بأن أسباب هذه الاضطرابات تختلف من طفل إلى آخر، حيث يتحدث المختصون عن أسباب مرضية، مثل حالات الولادة المبكرة والمعاناة التي ترافق الأطفال حديثي الولادة. كما يمكن أن تكون الأسباب جينية، ومن شأنها أن تحدث تغييرا في نظام الدماغ المسؤول عن استيعاب اللغة المكتوبة، هذا بالإضافة إلى الأسباب البيئية؛ أي المحيطة ببيئة الطفل، مثل الوسط العائلي غير المتعلم.وأشارت الكاتبة إلى أن الأطفال الذين يعانون من هذا العسر يجدون صعوبة في تنظيم أفكارهم وحفظ المعلومات والتحسن مع الوقت، كما يجدون صعوبة في التركيز. وفي الوقت الذي ينجح فيه باقي الأطفال في تجاوز الصعوبات، يبقى الطفل الذي يعاني اضطرابا ما غير قادر على تجاوز الصعوبات في مسيرته التعليمية، حيث يمكن أن تتطور معه في المستقبل.ونوهت الكاتبة إلى وجود عامل آخر، ألا وهو صعوبة تحديد نوعية الاضطراب الذي يعاني منه الطفل، وما إذا كان عسرا في القراءة أو الكتابة. وللتوضيح أكثر؛ يمكن أن يتسبب عسر القراءة لدى الطفل في خلق عسر في التعبير الكتابي؛ لذلك دعا المختصون إلى إخضاع الطفل إلى العديد من الخبراء، مثل مختصين في الأعصاب والتخاطب والعلاج النفسي، لتشخيص وإدارة هذه الاضطرابات المعقدة وعلاجها.اضطرابات عسر القراءة والكتابة والحساب تصيب ما بين 5 و10% في الفصول الدراسية (غيتي)عسر القراءةوذكرت الكاتبة أن عسر القراءة عبارة عن اضطراب تعلمي يتضح بشكل أساسي كصعوبة في القراءة والهجاء، وهو أكثر الاضطرابات المتداولة لدى الأطفال. ويشمل هذا الاضطراب عسر القراءة الصوتية، حيث يصعب على الطفل تمييز الكلمات من الناحية الصوتية. وفي بعض الحالات يستطيع الطفل تحديد الكلمات وقراءتها، لكن يصعب عليه فهم المعنى، مما سيجعله مجبرا على التركيز على محاولة الفهم والقراءة ببطء شديد. وفي هذه الحالة، يكون الطفل عرضة إلى عسر مزدوج في القراءة، أي عسر القراءة الصوتية وصعوبة فهم الكلمات.العلاجقالت الكاتبة إن العلاج يتلخص في علاج النطق، بما في ذلك فك تشفير الحروف والأصوات وإنعاش الذاكرة اللفظية للطفل، كما يمكن إخضاع الطفل إلى تمارين تركز على الصوتيات واستيعاب الكلمات غير المنتظمة بهدف تحسين تركيزه البصري واللفظي، فضلا عن تدريبه عبر تمارين خاصة بالمهارات الحركية الدقيقة. كما يوصي المختصون باعتماد العلاج بالموسيقى لتقليل اضطرابات الانتباه، وتحسين التركيز السمعي وتسهيل استيعاب اللغة.عسر الكتابةأكدت الكاتبة أن هذا الاضطراب يتمثل في عدم القدرة على الكتابة والهجاء أثناء الكتابة، كما أن هذا الاضطراب يتلخص أيضا في العجز عن القيام بأي تمرين كتابي، حيث يعاني منه نحو 10% من الأطفال في فرنسا.العلاجنوهت الكاتبة بأن العلاج يقتصر على إخضاع الطفل إلى عملية إعادة تعلم طرق الكتابة مما سيسهم في إصلاح وتحسين أسلوبه الكتابي. ويشمل هذا العلاج طريقة مسك أصابعه للقلم، بالإضافة إلى تعليمه الحروف.تجدر الإشارة إلى أن الاختصاصي النفسي يلعب دورا مهما في نجاح العلاج عبر تحفيز الطفل من الناحية النفسية.خلل الأداء التنموي هو اضطراب عصبي يظهر في مرحلة الطفولة (بيكساباي)خلل الأداء التنمويأشارت الكاتبة إلى أن هذا الاضطراب عبارة عن اضطراب عصبي يظهر في مرحلة الطفولة. ويتعلق هذا الاضطراب أساسا "بالتطبيق العملي" للطفل، أي من ناحية إنجازه للمهام والتمارين. ويتفاقم خلل الأداء التنموي في الكثير من الأحيان بسبب نقص الانتباه واضطرابات التعلم الأخرى مثل عسر القراءة والكتابة والحساب.العلاجأكدت الكاتبة أن طرق علاج هذا الاضطراب تتطلب تضافر جهود العديد من المختصين، كمختص نفسي يشجع الطفل على تنظيم عملية التنسيق بين إيماءات دماغه وإيماءاته الحركية، بالإضافة إلى مختص في العلاج الوظيفي لإعادة تأهيل الحركات اليدوية، ومختص في تقويم النطق لتدريبه على حركات العين.إذا كان تنظيم اللغة لدى الطفل يعاني ضعفا هيكليا فمن الضروري استشارة طبيب أطفال ومقوم نطق (مواقع التواصل)الضعف اللغوي الخاصذكرت الكاتبة أن هذه الحالة تتمثل في اضطراب اللغة، أي أن الطفل يعاني من ضعف قدرته على الفهم أو التعبير عن رسالة لفظية أو مكتوبة مما يؤثر على إدراك الطفل.ونوهت الكاتبة إلى أنه يمكن تشخيص الضعف اللغوي الخاص عبر تشخيص حالة اضطراب معين في تطور اللغة الشفوية خلال بلوغ الطفل السنتين، حيث ينطق جملا غير منظمة وخالية من المفردات، وإذا كانت لديه مشكلة في التعبير عما يشعر به، أو يفكر فيه، وإذا كان تنظيم اللغة لديه يعاني ضعفا هيكليا، فمن الضروري استشارة طبيب أطفال ومقوم نطق.العلاجبالنسبة للكاتبة، يكمن الحل في علاج النطق لدى الطفل، ولا يخضع الطفل لهذا العلاج إلا بعد تشخيص مكثف لحالته من الطبيب المشرف عليه. ويوصي المختصون بالخضوع لدورتين في تقويم النطق أسبوعيا على مدار عدة أشهر. عسر الحسابيعد عسر الحساب صعوبة فطرية في تعلم أو استيعاب الحسابات الرياضية. ويجد الطفل صعوبة كبيرة في التعرف على الأرقام وحفظ جداول الحساب (الجمع والطرح والضرب والقسمة) وفهم الأرقام، ويعاني كلا الجنسين من هذا الاضطراب، كما يزداد عدد الأطفال الذين لديهم حساسية من الرياضيات.العلاجقالت الكاتبة إن كلا من المختصين في تقويم النطق والعلاج الوظيفي والمختصين النفسيين يتكفلون بفك شفرة الأداء المعرفي للطفل قبل التعاون مع المدرسين لإجراء تعديلات في الفصل على التمارين المكلف بها الطفل المتعلقة بالعمليات الحسابية.ما يجب القيام به في المدرسةوأفادت الكاتبة بأن هناك طرق علاج في الفصل ترتكز على تقديم الوالدين طلبا إلى المدرسة لتحديد خطة دعم خاصة بالطفل الذي يعاني من اضطراب من شأنها أن تعزز اندماجه التعليمي. ويمكن أن يزاول الطفل الذي يعاني اضطرابا ما تعليمه في أي مدرسة مع باقي الأطفال. في المقابل، ينبغي عليه الحصول على دعم مختص في الحياة المدرسية....
بالنقر فوق "قبول جميع ملفات تعريف الارتباط" ، فإنك توافق على أن قيم يمكنه تخزين ملفات تعريف الارتباط على جهازك والكشف عن المعلومات وفقًا لسياسة ملفات تعريف الارتباط الخاصة بنا.
سياسة ملفات الارتباط.