عسر القراءة (Dyslexia)، هي من صعوبات التعلم التي تظهر نتيجة لوجود مشكلة في الربط بين الأصوات التي تصدر عند النطق بالكلام، وعلاقتها بالحروف والكلمات التي تتكون منها، وتنشأ نتيجة لمشكلة في المناطق المسؤولة عن معالجة اللغة في الدماغ، ولا يرتبط عسر القراءة بنسبة الذكاء، حيث يمكنه النجاح في حياته ودراسته، إذا تم دعمه من الناحية التعليمية والنفسية.يصيب عسر القراءة 15-20% من السكان، وفقا للرابطة الدولية لعسر القراءة.أسباب عسر القراءةترتبط أسباب عسر القراءة بالجينات، لذا يلاحظ إصابة أكثر من فرد في العائلة الواحدة بعسر القراءة، مع وجود عوامل أخرى تلعب دوراً في زيادة احتمال الإصابة بعسر القراءة، منها:وجود تاريخ عائلي للإصابة بعسر القراءة، أو صعوبات التعلم الأخرى.ولادة الطفل مبكرا (أطفال الخداج).ولادة الطفل بوزن منخفض.التعرض أثناء الحمل للنيكوتين، أو المخدرات، أو الكحول، وبعض أنواع الأدوية، التي قد تؤثر في النمو العقلي للجنين.أعراض عسر القراءةعادة ما تبدأ الأعراض بالظهور خلال مرحلة الطفولة، حيث يواجه الطفل بعض التحديات خاصة عند البدء بالمرحلة الدراسية، إلا أنه قد يتم اكتشافها في مراحل متقدمة من العمر كذلك، وفيما يلي توضيح لأبرز الأعراض التي تظهر عند المصابين بعسر القراءة:تأخر مراحل النمو، الطفل المصاب بعسر القراءة قد يتأخر في تعلم الحبو، والمشي، والكلام مقارنة بأقرانه.صعوبة الكلام، يستغرق المصاب بعسر القراءة وقت أطول لتعلم الكلام، ويجد صعوبة في نطق الكلمات، بالإضافة لذلك قد يعاني مما يلي:عدم التميز بين أصوات الكلمات المختلفة.صعوبة نطق كلمات غير معروفة عند القراءة بصوت عالي.صعوبة القراءة، يمكن أن تظهر في وقت مبكر للطفل أي مرحلة ما قبل المدرسة، وتتمثل في أنه يجد صعوبة في الربط بين الأحرف وأصواتها، بالإضافة لصعوبات أخرى، مثل:تهجئة الكلمات بشكل خاطئ دون إدراك.الخلط بين الكلمات المتشابهة بصرياً.تجنب القراءة كلما أمكن ذلك، أو تفضيل المقالات أو القصص القصيرة على الروايات الطويلة.يمكن ملاحظة مشكلة صعوبة القراءة بشكل أوضح عندما يبدأ الشخص بتعلم مهارات أكثر تعقيدا، مثل: القواعد اللغوية، وقراءة النصوص وتحليلها، وبناء الجمل، والكتابة الإنشائية.صعوبة الكتابة، يلاحظ كتابة الأرقام والأحرف بشكل معكوس على الورق، كما يلاحظ كتابة الأحرف الكبيرة في الكلمات عشوائيًا، والاعتماد على الآخرين في كتابة المراسلات الكتابية.صعوبة في التركيز، فقد يعاني عدد كبير من الأطفال المصابين بعسر القراءة من اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، ونسيان بعض الكلمات بعد تعلمها بفترة قصيرة.صعوبة في التمييز بين الاتجاهات.لوحظ أن الأشخاص المصابين بعسر القراءة أكثر عرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية، مثل: الحساسية الموسمية، والربو، والأكزيما.تشخيص عسر القراءةقد يكون من الصعب تشخيص عسر القراءة، ما لم تكن المشكلة شديدة والأعراض واضحة، إذا كنت تعتقد أن طفلك قد يكون مصابًا بعُسر القراءة فعليك مراجعة المختصين لتقييم حالته من الأطباء وأخصائي النطق، وقد يشمل التقييم اختبار مجموعة من العوامل بما في ذلك:المهارات المعرفية.الذاكرة.خزينة المفردات.مهارات القراءة والكتابة.المهارات الفكرية.القدرة على معالجة المعلومات.اطلب المساعدة إذا كنت تعتقد أن طفلك يعاني من عسر القراءة من الطبيب، أو الأخصائي التربوي في مدرسة الطفل، أو أخصائيي النطق والتخاطب.أنواع عسر القراءةلعسر القراءة عدة أنوع مختلفة منها:عسر القراءة الرئيسي، يعد النوع الأكثر شيوعا من عسر القراءة، ويحدث نتيجة خلل وظيفي في الجزء الأيسر من الدماغ، ولا تتغير شدته مع تقدم العمر، ويتباين بين الأفراد حيث أن البعض قادرون على النجاح أكاديميا، وآخرون قد يعانون طوال حياتهم من صعوبة القراءة، والنطق، ويحدث عسر القراءة الرئيسي نتيجة طفرات جينية أي بشكل وراثي، ويصيب الأولاد أكثر من الفتيات.عسر القراءة الثانوي، يحدث نتيجة مشاكل في نمو الدماغ خلال المراحل المبكرة من نمو الجنين، وتقل حدته مع نضوج الطفل وتقدمه في العمر، كما أنه أكثر شيوعا عند الأولاد.عسر القراءة المكتسب، يحدث هذا النوع عادة نتيجة التعرض للصدمة، أو تعرض الدماغ لحادث أو إصابة لمنطقة الدماغ التي تتحكم في القراءة والكتابة، وهذا النوع نادر الحدوث.عسر القراءة البصري، يشير إلى اضطراب المعالجة البصرية، وهي حالة لا يقوم بها الدماغ بتفسير الإشارات البصرية بشكل صحيح، فلا يمكن للشخص نطق الحروف بشكل سليم؛ لأنه لا يمكن لدماغه التعرف على صورة الحروف، أو تذكر تسلسلها الصحيح في الكلمات.عسر القراءة السمعي، يشير إلى اضطراب المعالجة السمعية، تحدث نتيجة مشاكل في معالجة الدماغ للأصوات والكلام، فلا يمكن للشخص الربط بين صوت الحرف وشكله، مما يؤثر في عملية التعلم لديه.عسر القراءة السطحي، في هذا النوع يجد الطفل صعوبة في نطق الكلمات التي يعرفها بالأصل، حيث يواجه وجود مشكلة في الذاكرة، بينما يمكنه لفظ الكلمات الجديدة بسهولة.عسر القراءة المزدوج، يواجه الأشخاص في هذا النوع من سرعة نطق الكلمات، بالإضافة لصعوبة بالتعرف على أصواتها.علاج عسر القراءةعلى الرغم من عدم وجود علاج قطعي لعسر القراءة، إلا أنه يمكن تحسين قدرة الطفل على القراءة والكتابة، بمجموعة من الاستراتيجيات، ومتابعة البرامج العلاجية مع المختصين، ويتطلب ذلك إخضاع الشخص لاختبار عسر القراءة؛ لوضع خطة تعليمية مناسبة، وتحديد مستوى مهارتي القراءة والكتابة لديه، ومن العلاجات التي يمكن تقديمها:الالتحاق ببرنامج القراءةيمكن لطفلك العمل مع أخصائي القراءة لتعلم أمور منها:كيفية نطق الحروف والكلمات.القراءة بشكل أسرع، وفهم ما يقرأ.الكتابة بشكل أفضل وأوضح.التدريب على استراتيجيات ومهارات التعلمينصح باتباع استراتيجيات معينة لتساعد الشخص على التعلم، ومنها:القراءة في مكان هادئ وخال من المشتتات.الاستماع إلى الكتب الصوتية، المسجلة على أقراص، والتدرب على القراءة معها.تقسيم القراءة إلى أجزاء صغيرة.طلب المساعدة من المعلمين في حال مواجهة مشكلة في القراءة.دور الأهل في علاج عسر القراءةأنت أهم داعم لطفلك، وهناك الكثير الذي يمكنك القيام به لتحسين قدرة طفلك على القراءة، وفيما يلي توضيحا لذلك:اعرض طفلك على مختص بعسر القراءة، عند بدء ملاحظة الأعراض عليه.تابع حالة طفلك مع مدرسته، لمناقشة مدى تحسن مستواه.شجع طفلك وتحدث إليه، وأخبره أن عسر القراءة لا يؤثر على الذكاء، وليس مقياسا له كذلك.اقرأ لطفلك بصوت عالي مع التكرار.احتفل بإنجازات طفلك وطور هواياته بعيدا عن القراءة ليشعر بالإنجاز.إصابة طفلك بعسر القراءة لا تعني أنه أقل ذكاء من الأطفال الآخرين، لكنه يتعلم بطريقة مختلفة!هل يمكن للأفراد الذين يعانون من عسر القراءة تعلم القراءة؟نعم، يمكن للأطفال تعلم القراءة وخاصة إن تلقوا الدعم المناسب في رياض الأطفال والصفوف الأولى، كما يحتاج ذلك لبذل جهد من المصابين بعسر القراءة لتعلم بعض الاستراتيجيات وكسب بعض المهارات، والحصول على التدريب المناسب الذي من شأنه أن يساعدهم على القراءة وفهم المعلومات خلال مراحل حياتهم المختلفة....
عسر القراءة أو ما يصطلح عليه أيضا الديسلكسيا ، من أشهر صعوبات التعلم و أكثرها استئثارا باهتمام العلماء و المربين، و ذلك لكون القراءة من أهم المهارات الأساسية التي تبنى عليها جميع التعلمات في جميع المواد الدراسية، و بدونها لا يمكن للمتعلم أن يمضي قدما في مسيرته التعليمية. كما أن وجود عينة من الطلاب يعانون من عسر القراءة في الصف الدراسي من شأنه التأثير على المستوى العام للطلاب، و هدر الكثير من الوقت و الجهد في معالجة ظاهرة لا يُعْرف عنها الكثير في الأوساط الدراسية.و مما يزيد من خطورة ظاهرة عسر القراءة أو الديسلكسيا، غموض أعراضها، و قلة الوعي بها، مما يجعل الإقصاء و التهميش أسياد الموقف حين يتعلق الأمر بالتعامل مع الطفل المصاب، في ظل غياب الرعاية الخاصة التي تؤهله لتجاوز الصعوبات التي يعاني منها، و الانخراط الإيجابي في الأنشطة الهادفة داخل الفصل و خارجه.إن ما تقدم يدفعنا إلى التساؤل عن ماهية عسر القراءة و أسبابها و مظاهرها و علاجها.1- ما هو عسر القراءة ” الديسلكسيا “ أ- أصل المصطلحالديسلكسيا Dyslexia كلمة يونانية الأصل مكونة من مقطعين: الأول (Dys) وتعني صعوبة، والثاني (lexia) وتعني الكلمة المقروءة، وأول من استخدم هذا المصطلح عالم الأعصاب الفرنسي ( رودلف بيرلين ) عام 1872 م، ثم تتابعت الدراسات في هذا الشأن فأطلق عليها الطبيب الألماني ( أدولف كسماول ) بـ (العمى الكلمي)، وسماها بعد ذلك جيمس هنشلود بـ (العمى الكلمي الخَلْقي)، فما هي إذن أهم تعريفات الديسلكسيا؟ب- تعريف الديسلكسياعديدة هي التعريفات التي تناولت ظاهرة الديسلكسيا، فحسب الاتحاد العالمي لطب الأعصاب يمكن تعريف عُسر القراءة بكونه:” اضطراب يتجلى في صعوبة تعلم القراءة على الرغم من توافر التعليمات التقليدية والذكاء الكافي والفرصة الاجتماعية والثقافية الملائمة. حيث يتبع إعاقة إدراكية جوهرية، كثيراً ما تكون من أصل صحي .”وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الطلاب المصابين بـ (العسر القرائي) يكون مستوى ذكائهم عاديا جدًا أو حتى فوق العادي. كما أن العسر القرائي ليس له علاقة بالتخلف العقلي .بل إن الطلاب المعسرين قرائيًا يمكن أن يكونوا مبدعين في مجالات أخرى مما يجعل الديسلكسيا تستحق تسمية: الإعاقة المختفية (Hidden Handicap) .مشاهير العالم المصابون بعسر القراءةكما يمكن تعريف عسر القراءة ( الديسلكسيا ) على أنه:“اضطراب في القراءة ذو منشأ عصبي خارج نطاق أية إعاقة عقلية أو حسية و غير مرتبط بعوامل ثقافية أو بيئية أو بعدم الرغبة في الدراسة و يكون معدل الذكاء لدى الشخص الذي يعاني من هذا الاضطراب عاديا أو فوق العادي.”من جهة أخرى، تعرف الديسلكسيا بكونها:“صعوبة مستمرة وشديدة في تعلم القراءة واكتساب مهاراتها عند أطفال أذكياء، متمدرسين بشكل طبيعي، ليست لديهم أي اضطرابات حسية أو عصبية، يعيشون في بيئة اجتماعية ثقافية طبيعية. تتميز هذه الصعوبة باستمراريتها على المدى البعيد، كما أن تشخيصها لا يتم إلا بعد مرور 6 أشهر على الأقل من الشروع في تعلم اللغة الكتابية. وحسب (Zorman, 2001) فإنها تصيب حوالي 1 إلى 8 % من الأطفال في سن التمدرس، كيفما كانت انتماءاتهم العرقية أو الجغرافية.”ج- الفرق بين عسر القراءة و التأخر في القراءةرغم أن النتيجة واحدة وهي انخفاض الأداء الوظيفي في القراءة، إلا أن هناك العديد من الفروق بين حالات الديسلكسيا وحالات التأخر أو التخلف في القراءة، حيث أجرى روتر ويل دراسة على عينتين إحداهما تم تشخصيها على أنها تعاني صعوبات نوعية في القراءة، في حين تم تشخيص الثانية على أنها تعاني تخلفًا عامًا في القراءة، و يمكن تلخيص أهم الفروق التي تم رصدها منم خلال هذه الدراسة فيما يلي:الديسلكسيا أو عسر القراءة أكثر انتشارا لدى الذكور بخلاف التأخر أو التخلف في القراءة.الإعاقات العصبية أكثر انتشارا في صفوف المتأخرين في القراءة.كان التقدم في القراءة والتهجي أبطأ لدى عينة الأطفال المتعسرين قرائيا مقارنة بالمتأخرين.من جهة أخرى، أثبتت الدراسات وجود فروق فزيولوجية بين الفئتين، حيث وجد أن أطفال الديسلكسيا يعانون من خلل وظيفي عصبي في دوائر القراءة بالنصف الأيسر الخلفي من المخ، بينما من النادر تشخيص هذا الخلل لدى الأطفال الذين يعانون تخلفا في القراءة.2- مظاهر عسر القراءة (الديسلكسيا)قبل الخوض في مظاهر الديسلكسيا، ينبغي التنبيه أولا إلى عدم ارتباط هذه الظاهرة بمعدل الذكاء، مما يفسر صدمة الآباء حينما يكتشفون أن ابنهم يعاني من صعوبات في القراءة رغم أنه كان يظهر علامات ذكاء طبيعي أو حتى فوق الطبيعي. و عموما يمكن تلخيص أهم مظاهر الديسلكسيا في النقط التالية :أ- المظاهر اللغويةالتأخر أو عدم الكلام بوضوح أو خلط الحروف أو الكلمات أو الجمل، و من أمثلة ذلك ما يلي:قلب مقطع من الكلمة فيقرأ بانت بدلاً عن نبات، وكوافه بدلاً عن فواكه .حذف بعض الحروف، وإضافة أُخرى كأن يقرأ: والد بدلاً عن ولد، وندى بدلاً عن نادى .حذف مقطع كامل من الكلمة كأن يقرأ منزل بدلاً عن المنازل، وفتاة بدلاً عن فتيات .قلب مواضع الحروف من الكلمة إما بالتقديم أو التأخير كأن يقرأ قلب بدلاً عن قبل، وعبد بدلاً عن بعد، وفرس بداً عن سفر…حذف بعض الكلمات أو أجزاء من الكلمة المقروءة، فمثلاً عبارة ( سافرت بالطائرة ) قد يقرأها الطالب ( سافر بالطائرة).إضافة بعض الكلمات غير الموجودة في النص الأصلي إلى الجملة، أو بعض المقاطع أو الأحرف إلى الكلمة المقروءة فمثلاً كلمة ( سافرت بالطائرة ) قد يقرأها ( سافرت بالطائرة إلى أمريكا) .إعادة بعض الكلمات أكثر من مرة بدون أي مبرر فمثلاً قد يقرأ ( غسلت الأم الثياب ) فيقول ( غسلت الأم … غسلت الأم الثياب) .إبدال بعض الكلمات بأخرى قد تحمل بعضاً من معناها، فمثلاً قد يقرأ كلمة ( العالية ) بدلاً من ( المرتفعة ) أو ( الطلاب ) بدلاً من ( التلاميذ) أو أن يقرأ (حسام ولد شجاع) وهكذا .ضعف في التمييز بين أحرف العلة فقد يقرأ كلمة ( فول ) فيقول ( فيل).صعوبة التموقع في النص، حيث يرتبك عند الانتقال من نهاية السطر إلى بداية السطر الذي يليه أثناء القراءة .ب- مظاهر مرتبطة بالأنشطة اليوميةهناك العديد من السلوكات اليومية التي يقوم بها الطفل و التي يمكن أن تدل على معاناته من الديسلكسيا مثل :طريقة التعامل مع الأشياء كصعوبة الاحتفاظ بها في يده، وصعوبة التنسيق فيما يقوم به من أعمال مثل مسك الكرات أو تنطيطها أو رميها بصورة عادية.صعوبة في تنفيذ بعض الأعمال مثل ارتداء الملابس بصورة طبيعية وربط الحذاء واستعمال الأزرار.ضعف التركيز عند الاستماع للقصص.إضافة إلى ما سبق ذكره، يمكن أن تقترن الدسليكسا بمظاهر أخرى كرداءة الخط و الخروج على السطر و صعوبة تنسيق الحروف، كما يمكن أن تكون مصاحبة لعسر الحساب و عسر الكلام و غيرها من صعوبات التعلم الأخرى، غير أن ما ينبغي الإشارة إليه هنا هو أن ظهور هذه العلامات مجتمعة ليس شرطا للجزم بإصابة الطفل بعسر القراءة، فوحده الطبيب المختص لديه القدرة و الكفاءة لتشخيص الديسلكسيا و تحديد درجة الإصابة بها.ج- مظاهر مرتبطة بالوراثةأثبتت الدراسات أن الدسلكسيا في معظمها تكون نتيجة للتوارث في العائلة، و في هذا الإطار، قام “Leppänen PH et al“، بالتحقيق في مدى صحة فرضية ارتباط عسر القراءة بالتاريخ المرضي للعائلة، حيث تم دراسة رضع بعمر 6 أشهر من عينتين مختلفتين، تنتمي الأولى إلى عائلة طبيعية، في حين تنتمي الأخرى إلى عائلة لها تاريخ مرضي في الإصابة بعسر القراءة. و عند قياس الاختلافات في التنشيط الكهربائي في الدماغ الناجم عن التغيرات في الهيكل الزمني لأصوات التحدث – وهي سمة تلقينية حاسمة في الكلام – لوحظ اختلاف أطفال العينة الأولى عن أطفال العينة الثانية في كل من قدرتهم على الاستجابة الأولية للأصوات، وفي استجابات كشف التغير الذي يعتمد على سياق التحفيز، وهذا يدل على أن الأطفال المعرضين للخطر بسبب العوامل الوراثية يقومون بعملية تلقين سمعي زمني لأصوات التحدث بشكل مختلف عن أطفال العائلات العادية، و ذلك حتى قبل أن يتعلموا الكلام، وأن حالات عُسر القراءة العائلية قد تساعد في التشخيص.د- مظاهر عسر القراءة حسب الفئة العمريةيبين الجدول التالي مظاهر عسر القراءة مصنفة حسب السن، وفق دراسة سعودية قامت بها الباحثة تهاني عتيق الله الصبحي من جامعة أم القرى، استهدفت ظاهرة “عسر القراءة” لدى الأطفال الناطقين باللغة العربية:3- ما هي أسباب عسر القراءة – الديسلكسيا -؟لا يوجد أي إجماع في أوساط العلماء و الباحثين حول أسباب ظاهرة عسر القراءة، لكن الدراسات التي أجريت في هذا المجال تشير إلى ارتباط عسر القراءة بعوامل تنتمي إلى مجالات متعددة نوجز أهمها فيما يلي:أ- العوامل الفيسيولوجيةيتميز الطفل المصاب بالديسلكسيا بتركيبة دماغية مختلفة عن الطفل السوي، مما يؤدي إلى عدم الفعالية في الربط بين القسم الأيمن و الأيسر للدماغ. و يعزى هذا الأمر غالبا للعامل الوراثي، حيث أن 50 % من حالات الديسلكسيا لديهم أقارب يعانون من الظاهرة نفسها.هذا، و قد أثبتت الدراسات الحديثة التي أجريت على أطفال عسر القراءة، أن المنطقة السمعية في مخ هؤلاء تختلف عن نظيرتها عند الأطفال الآخرين، كما أن منطقة اللغة بالمخ لدى الأشخاص المصابين بعسر أو عجز القراءة في النصف الأيسر من المخ، أصغر و أقل في عدد خلاياها. في نفس الإطار دائما، لوحظ أن النشاط الكهربائي في النصف الأيسر من المخ لدى الذين يعانون من عسر القراءة، يختلف بصفة جوهرية عن نظيره لدى الذين لا يعانون من هذه الصعوبة.ب- العوامل النفسيةتلعب العوامل النفسية دورا كبيرا في ظهور عسر القراءة، و يمكن تلخيص أهمها في النقط التالية:اضطراب الإدراك السمعي و الإدراك البصريالإدراك عملية معقدة تبدأ باستثارة الحواس، و تنتهي بمعالجة المعلومات في الدماغ، و استخلاص ما هو قابل للإدراك منها. و من هنا يظهر مدى تأثير أي خلل في هذه السيرورة، باعتبار القراءة عملية معقدة يتداخل فيها الإدراك السمعي ( كيفية نطق الحروف) بالإدراك البصري ( كيفية كتابتها).الاضطرابات اللغويةتؤثر حصيلة الطفل و قاموسه اللغوي على تعلمه و تفسيره للمادة المقروءة المطبوعة، كما أن الأطفال الذين لديهم تشوه في بعض الأصوات يعجزون في الأغلب عن القراءة بشكل صحيح.اضطراب الذاكرةتنقسم اضطرابات الذاكرة إلى اضطرابات الذاكرة السمعية واضطرابات الذاكرة البصرية، وقد أثبتت العديد من الأبحاث وجود صعوبة في الاسترجاع التتابعي للمثيرات المرئية لدى الأطفال المصابين بعسر القراءة، ويفسر هذا الفشل في الاسترجاع إلى عدم كفاءة عمليات الانتباه الانتقائي و استخدام استراتيجيات للحفظ و التذكر و الاسترجاع أقل فاعلية و كفاءة مقارنة مع الأطفال العاديين.إن العسر القرائي متصل باضطرابات نفسية، لكن لا يجب الخلط بين العوامل النفسية التي تساهم في ظهور عسر القراءة و الاضطرابات التي تنتج عنها، فالكثير من المشاكل النفسية تنتج بسبب عسر القراءة.ج- العوامل اللغويةقد تكون خصائص اللغة المنطوقة، ونظام الكتابة (قواعد الإملاء)، وطرق تعليم القراءة والكتابة عوامل مساهمة في ظهور عسر القراءة لدى الأطفال. و كمثال على ذلك، نذكرصعوبة القراءة في اللغة الإنجليزية، و التي تتميز بتهجئتها اللغوية المعقدة حيث توظف أنماط الهجاء على عدة مستويات. وتعتبر الفئات الهيكلية الرئيسية التي تشكل التهجئة الإنجليزية هي المراسلات الصوتية للحروف، المقاطع، و المورفيمات. أما بعض اللغات الأخرى، مثل الإسبانية، فلديها تهجئة أبجدية توظف فقط المراسلات الصوتية للحروف، مما يجعل تعلمها أسهل نسبيا من تعلم الإنجليزية.4- تشخيص عسر القراءة ( الديسلكسيا )سبق و تطرقنا في موْضِع آخر من هذا المقال إلى أهم مظاهر عسر القراءة، لكن ظهور أحد هذه الأعراض أو بعضها لا يعني بالضرورة إصابة الطفل بالدسليكيا، فوحدهم المتخصصون من أطباء الأمراض العصبية و الأطباء النفسيين و كذلك أخصائيي علم النفس التربوي و المتخصصين في عسر القراءة يمكنهم تشخيص عسر القراءة و درجة الإصابة بها.ويعتمد الخبراء عموما اختبارا متعدد التخصصات لاستبعاد الأسباب الأخرى المحتملة لصعوبات القراءة، مثل ضعف الإدراك أو الأسباب الفيسيولوجية كمشاكل في الرؤية أو السمع. كما يتم اعتماد اختبارات لتقييم مدى قدرة الطفل على القراءة، مثل اختبار التعرف السريع لاختبار الذاكرة القصيرة المدى و مهارات التسلسل، و اختبارات الترميز الصوتي، و مختلف اختبارات الذكاء… هذه الاختبارات و غيرها تمكن الأخصائيين من الحكم بشمولية على حالة الطفل و تحديد درجة إصابته و نوعها.5- علاج عسر القراءةبعد تشخيص عسر القراءة، ينبغي اعتماد خطة علاجية بإشراك جميع الفاعلين انطلاقا من الطبيب المعالج، و الأسرة و الإدارة التربوية، ووصولا إلى المدرس و الطلاب، فالطفل الذي يعاني من عسر القراءة يحتاج إلى التشجيع المستمر من قِبَل الأهل من أجل رفع معنوياته، كما يحتاج لمعاملة خاصة في المدرسة لمراعاة الإشكاليات التي يعاني منها وإعطائه فرصة لاستغلال مهاراته وقدراته العقلية السليمة.من جهة أخرى، ينبغي أن تتناسب الخطة العلاجية والأسباب الكامنة وراء الديسلكسيا، فإذا كانت هذه الأسباب نفسية بالأساس، فلابد من تدخل الطبيب النفسي و التنسيق مع الأسرة و المدرسة. أما إذا كانت الأسباب تعليمية تربوية، فينبغي مراجعة الطرائق و المناهج و الوسائل المتبعة في التدريس، بحثا عن السبب وراء هذا الإضطراب في التعلم، سعيا نحو تجاوزه. و في الإطار التعليمي التربوي، يمكن للمدرسين الذين يعانون من مشكلة عسر القراءة في صفوفهم الدراسية اتباع بعض الاستراتيجيات التي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :توفير بيئة مساعدة على التعلم و الاستيعاب، و خالية من كل عوامل التشويش و تشتيت الانتباه.التحدث أمام الطلاب بصوت واضح، و لغة سليمة خالية من الأخطاء النحوية.مراعاة مستوى المتعلمين حين اختيار النصوص و المفردات التي سيشتغلون عليها.طرح الأسئلة بشكل واضح، والابتعاد عن الأسئلة المتداخلة، أو المعقدة.تحفيز الطلاب الذين يعانون من الديسلكسيا و تشجيعهم على المشاركة.تفادي إحراج الطلاب المعسرين أمام زملائهم خلال القراءة الجهرية.الكتابة بخط واضح ومقروء سواءً على السبورة، أو خلال كتابة نماذج الحروف في كراسات المتعلمين .تخصيص الوقت الملائم للمعسرين سواء خلال الامتحانات أوحتى خلال إنجاز الواجبات المنزلية.التعرف على جوانب القوة في أفراد الدسلكسيا و ميولاتهم، والتركيز عليها.التواصل مع الآباء وتوعيتهم بأسباب المرض و طرق التعامل مع أبنائهم في البيت.الصبر وطول البال و عدم التسرع في طلب نتيجة المجهودات المبذولة. المراجع :– تهاني عتيق الله الصبحي ( “عسر القراءة” لدى الأطفال الناطقين باللغة العربية ) . جامعة أم القرى– صالح عثمان الزهراني، العسر القرائي «الديسلكسيا Dyslexia» لدى الطلاب، http://www.manhal.net/art/s/11133– عسر القراءة، ويكيبيديا، عسر_القراءة/http://ar.wikipedia.org/wiki– فهد حماد التميمي، قراءة متدرجة في المفهوم: العسر القرائي.. «الدسلكسيا»،http://www.almarefh.net/show_content_sub.php?CUV=357&Model=M&SubModel=143&ID=316&ShowAll=On- Emily Lapkin, Understanding Dyslexia, http://www.understood.org/en/learning-attention-issues/child-learning-disabilities/dyslexia/understanding-dyslexia...
بالنقر فوق "قبول جميع ملفات تعريف الارتباط" ، فإنك توافق على أن قيم يمكنه تخزين ملفات تعريف الارتباط على جهازك والكشف عن المعلومات وفقًا لسياسة ملفات تعريف الارتباط الخاصة بنا.
سياسة ملفات الارتباط.