2


سيغموند فرويد طبيب أعصاب نمساوي يهودي، أسس مدرسة التحليل النفسي وعلم النفس الحديث، واشتهر بنظريات العقل واللاواعي، من مواليد السادس من مايو/أيار عام 1856، وتوفي في 23 سبتمبر/أيلول عام 1939 في العاصمة البريطانية لندن.

المولد والنشأة

ولد سيغموند شلومو فرويد في السادس من مايو/أيار عام 1856 لأسرة فقيرة تنتمي إلى الجالية اليهودية في بلدة بريبور، بمنطقة مورافيا التابعة آنذاك للإمبراطورية النمساوية (الآن جزء من جمهورية التشيك).

كان والده جاكوب تاجر صوف، ووالدته أمالي ناثانسون هي الزوجة الثانية لأبيه. وله 7 إخوة أشقاء وآخران غير شقيقين.

في عام 1857، خسر والد فرويد تجارته، وبعد نحو عامين، انتقلت العائلة إلى لايبزيغ، ثاني أكبر مدن ولاية ساكسونيا في شرق ألمانيا، قبل أن تستقر بعدها بعام في العاصمة النمساوية فيينا.

الدراسة والتكوين العلمي

عام 1865، دخل سيغموند مدرسة "كومونال ريل جيمنازيوم" في حي ليوبولدشتات ذي الأغلبية اليهودية. وفي عام 1873 حصل على شهادة الثانوية العامة.

ورغم أن فرويد كان يرغب في دراسة القانون، إلا أنه التحق بكلية الطب في جامعة فيينا للدراسة تحت إشراف البروفيسور كارل كلاوس، وفي عام 1881 حصل على درجة الدكتوراه.

سيغموند فرويد توفي متأثرا بإصابته بسرطان الفم (مواقع التواصل الاجتماعي)

الوظائف والمسؤوليات

في عام 1882 دخل المستشفى العام في فيينا مساعدا إكلينيكيا ليتدرب مع الطبيب النفسي تيودور مينيرت وأستاذ الطب الباطني هيرمان نوثناجيل، كما عمل مع أحد علماء الفسيولوجيا البارزين في عصره وهو إرنست فون بروك.

عام 1885 تم تعيين فرويد محاضرا في علم أمراض الجهاز العصبي، بعد أن أنهى بحثا مهما حول لب الدماغ. وأتيح له السفر بعدها في منحة إلى باريس كي يدرس في جامعة سالبتريير مع طبيب نفسي فرنسي شهير هو جان مارتان شاركو، الذي كان يستخدم التنويم المغناطيسي في علاجه للهستيريا.

وفي عام 1886 عاد إلى فيينا ليعمل طبيبا في عيادته النفسية الخاصة، قبل أن يسافر مرة أخرى إلى فرنسا عام 1889 ويستكمل دراساته في العلاج بالتنويم المغناطيسي.

الزواج

في عام 1886 تزوج فرويد من المحللة النفسية مارتا بيرزنيز، وهي ابنة عائلة يهودية بارزة كان من بين أسلافها الحاخام الرئيسي لهامبورغ وهاينريش هاينه.

أنجب فرويد 6 أطفال، 3 أبناء ومثلهم من البنات، وأصبحت إحدى بناته طبيبة نفسية شهيرة في لندن، واسمها "آنا فرويد".

النظريات والمصطلحات

فرويد كان يرى أهمية الحياة العاطفية في الصحة العقلية اللاشعورية، ويقول إن كبت الميول والرغبات تنتج عنه الأعراض الهستيرية، وهو ما يعد نقطة تحول في تاريخ علاج الأمراض العقلية والنفسية، وحجر الأساس لنظرية التحليل النفسي.

سعى فرويد جاهدا لإثبات قيمة أسلوب التنويم المغناطيسي في علاج مرضى الهستيريا، واستحدث مفهوم "اللاشعور" أو "اللاوعي" (unconscious) وأدخل هذا المصطلح في علم النفس والتحليل النفسي، وأصبح أحد أهم المفاهيم العلمية والفلسفية في العصر الحديث.

ابتكر فرويد مصطلح "عقدة الأب" (Father Complex) في إشارة إلى مجموعة من الأفكار لدى الشخص -طفلا أو بالغا- المرتبطة بتجربة الأب وصورته، وهو يشير عموما إلى مشاكل ناجمة عن علاقة الفرد السيئة مع والده.

أما "عقدة أوديب" (Oedipus complex) فهو مفهوم قدمه فرويد، ويشير إلى الرغبة الجنسية اللاشعورية لدى الأبناء تجاه الآباء مع المخالفة في الجنس والكراهية مع الموافقة، أي ميل الابن إلى أمه والبنت لأبيها، وهو ما واجه انتقادات واسعة.

ابتكر فرويد طرقا جديدة في علاج المرضى النفسيين، ومن أشهرها طريقة التداعي الحر، حيث يضع فرويد المريضَ في وضعية خاصة ومريحة، تساعده على أن يسترسل في الأفكار والخواطر والكلام وكل ما يخطر بباله بشكل عفوي، ثم يدخل الطبيب النفسي عبر منهج علمي عقلاني في جوهره.

خلال تجاربه وأبحاثه اكتشف فرويد أن لكل إنسان جزءا غير مُعلن وغير مُدرك في تكوين بناء شخصيته، يتم تشكيله بواسطة بعض الغرائز المكبوتة والعمليّات العقليّة والتصوّرات والأفكار والمشاعر والخبرات التي تنشأ لدى الفرد دون إدراك منه، ويختزنها عقله الباطن أو "اللاوعي"، وهو المصطلح العلمي الذي أطلقه فرويد على هذه العملية.

ويرى فرويد أن تلك المساحة تَختزن كل خبرات الطفولة وتجارب الحياة اليومية الهامشية والمُهملة والمَقموعة من قِبل الوعي نفسه أو من المجتمع الخارجي، بالإضافة إلى الغرائز التي أتى بها الإنسان إلى العالم، وتقبع فيها كل الصور البعيدة والذكريات المؤلمة والمخجلة والمَنسية عمدا من قِبل الوعي والذاكرة.

ويؤكد أن هذه المساحة تكون هي المسؤولة عن كل لحظات الإلهام والإبداع الفني والجمالي، وكذا لحظات العنف غير المُبرر والهستيريا والغضب والانفعال الزائد عن الحد.

وكانت لفرويد اجتهادات في اتجاه إبطال الخرافات والأساطير التي علقت بالتراث التوراتي، والتي ساهم في ترسيخها أحبار اليهود عبر العصور، ومن أبرز مقولاته "إن تقسيم الحياة البشرية إلى حياة نفسية واعية وحياة نفسية لا واعية يُشَكّل المُقدمة الكُبرى والأساسية في التحليل النفسي".

المؤلفات

  • كتاب "دراسات في الهستيريا"، وألفه بالاشتراك مع جوزيف بروير أحد أبرز أطباء فيينا ونشر عام 1895.
  • كتاب "موسى والتوحيد" الذي نُشر بالألمانية عام 1938 وباللغة الإنجليزية في العام التالي.
  • كتاب "مخطط التحليل النفسي" الذي لم يكمل تأليفه ونُشر بعد وفاته.

ومن مؤلفاته أيضا:

  • تفسير الأحلام.
  • قلق في الحضارة.
  • مستقبل الوهم.
  • الشذوذ الجنسي.
  • تغلب على الخجل.
  • الجنس عند فرويد.
  • الذاكرة.
  • السيكولوجية النفسية.
  • نقطة الضعف.
  • الإدراك.
  • ما فوق مبدأ اللذة.
  • 3 مقالات في النظرية الجنسية.
  • 5 محاضرات في التحليل النفسي.
  • السلوك.
  • تطور المعالجة النفسية.
  • 5 دروس للتحليل النفسي.
  • النرجسية الجنسية.
  • الطوطم والتابو.
صورة جماعية أمام جامعة كلارك تضم فرويد (الجالس في الوسط) وعالم النفس السويسري كارل يونغ وآخرين (مواقع التواصل الاجتماعي)

الجوائز

حصل فرويد على جائزة غوته في 28 أغسطس/آب عام 1930، وهي جائزة أدبية ألمانية تقدم من مجلس مدينة فرانكفورت تخليدا لذكرى يوهان فولفغانغ غوته، وقيمتها 50 ألف يورو.

وفي عام 1936 مُنح جائزة ميدالية بوكنان من "الجمعية الملكية" (Royal Society) البريطانية في لندن لمساهمته في تطور النظريات الطبية.

وترشح فرويد لجائزتي نوبل في الأدب وفي الطب، لكنه لم يحصل على أي منهما لأن العالم ألبرت آينشتاين اعترض بكتابة رسالة نصية مفادها المطالبة بأن لا يُمنح أيا من الجائزتين.

الوفاة

عانى فرويد من سرطان الفم بسبب فرط استهلاكه للسجائر، مما دفعه إلى القيام بـ30 عملية جراحية لفمه، ومع ذلك لم يتوقف عن التدخين المفرط.

في عام 1938 قبيل الحرب العالمية الثانية، قامت ألمانيا باحتلال النمسا، وقد أوقف فرويد بواسطة الشرطة السرية النازية ومن ثم أُحرقت أغلب مؤلفاته وسُمح له أن يغادر البلاد.

بعد وصوله إلى العاصمة الإنجليزية لندن، عاد السرطان ينمو في فمه، وأخبره الأطباء أن لا فائدة من أي عملية إضافية بسبب تهشم عظام فكه.

توفي سيغموند فرويد في 23 سبتمبر/أيلول عام 1939 في العاصمة البريطانية لندن عن عمر ناهز 83 عاما، ومات بعد أن طلب من طبيبه جرعة مميتة من المورفين.

  • 39240
  • 2 شارة ذهبية 1 شارة فضية 8 شارة برونزية