عندما ترزق الأسرة بطفل صغير يصبح حلم كل أم أن يكون سليما وبصحة جيدة، وتظل تتابع نموه وتطور قدراته يوما بعد يوم حتى يطمئن قلبها أنه ينمو طبيعيا، فإذا تأخر في المشي أسرعت إلى الطبيب لتسأل عن السبب، أما إذا تأخر في الكلام فيرادوها الشك والقلق من وجود مشكلة لدى طفلها، ربما يكون تأخر المهارات مسألة وقت، لكنه في بعض الأحيان يصبح بمثابة دلالة على وجود "صعوبات تعلم" لدى الطفل.
وعادة ما تكتشف الأم المشكلة لدى ابنها بعد التحاقه بالمدرسة وعند ظهور علامات صعوبات التعلم لديه أو بعضها، مثل عدم التركيز أثناء شرح الدرس، أو سهولة التشتت، أو عند سؤاله مجموعة من الأسئلة التي لا يمكنه الإجابة عنها جميعا ويكتفي بإجابة أول سؤال منها، كذلك عند تكليفه ببعض المهام التي لا يستطيع تنفيذها كلها، وقد يكتب الحروف بشكل معكوس، والأرقام أحيانا، كذلك ينسى بسهولة ما قيل له في الدرس.
وصعوبات التعلم يمكن أن تكون عاطفية وسلوكية، أو صعوبات في الفهم والتفكير والتعلم، أو في اللغة والتواصل، أو صعوبات جسدية مثل ضعف السمع، بحسب ما نشره موقع "فاميلي لايفز".
وعن الخطوات الواجب اتباعها للتعامل مع صعوبات التعلم عند طفلك:
1- تقول استشارية صعوبات التعلم لميس نافع للجزيرة نت "إن أول خطوة على الأم القيام بها هي تقييم أداء الطفل من خلال اختبارات أكاديمية في الأماكن المخصصة لصعوبات التعلم، وتسمى "المهارات المعرفية" المسؤولة عن الجزء المعرفي والتعليمي لدى الطفل".
وأضافت "تقيس تلك الاختبارات مهارات التركيز والانتباه والذاكرة قصيرة وطويلة المدى وبعض المهارات الأخرى، مما يمكنهم من تحديد نقاط ضعف الطفل للتعامل معها بعد ذلك، ليبدأ المختصون بعدها في رسم خطة على أساس نتائج التقييم وفق برنامج محترف عبارة عن جلسات مع الطفل مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيا".
2- تؤكد لميس أن الأم عامل أساسي ومهم في نجاح تحقيق نتائج ملموسة مع طفلها، لذا يجب أن تكون مؤهلة علميا ونفسيا لتقديم المساعدة له، والجانب النفسي ينعكس بدوره على ابنها، فإذا كانت الأم محبطة ويائسة فإنها لن تستطيع توصيل الدعم المطلوب له مهما حاولت.
أما الأم القوية المتفائلة فيمكنها اجتياز التحديات التي يقابلها طفلها والتشجيع المستمر على المحاولة، والاحتفال بأقل النتائج يجعله يشعر بالفخر بما يصنع، ويجب أن تعرف الأم أن الحب غير المشروط هو مفتاح طفلها، وأن عليها محاولة التحكم في أعصابها قدر المستطاع حتى لا تؤذي مشاعره بكلمة في لحظة انفعال أو عند نفاد صبرها.
وعن التأهيل العلمي، تقول نافع إن "المراكز المتخصصة في صعوبات التعلم توفر دورات تدريبية للأمهات وأولياء الأمور لتعريفهم بكيفية التعامل مع هذه المشكلة، لأن للبيت دورا مهما في متابعة تنفيذ نفس البرنامج المتبع في المركز مع الطفل".
ويهدف التواصل بين المركز والمدرسة إلى وضع خطة تعليمية مناسبة لعمر الطفل، فعلى سبيل المثال، في حالة الطفل كثير الحركة أو مشتت الانتباه يطلب المركز من المدرسة أن يجلس الطفل في أول صف بالقرب من المعلمة حتى تتيسر متابعته، ولا يفضل أن يجلس وسط مجموعات تفاديا لتشتت انتباهه.
وتحتاج معلمة الصف أن تحرك يديها أثناء الشرح لجذب انتباهه، ويمكن أن تعطيه مساحة للحركة مقبولة وسط الفصل أحيانا، ولحل مشكلة التركيز مع الطفل، يمكن للمعلمة تكليفه بمهمة واحدة حتى ينجزها، ثم الثانية، وهكذا حتى ينتهي منها جميعا.
3- يمكن تحفيز الأطفال بمكافآت عند تحقيق المهمة المطلوبة، واتباع نظام (النتيجة الطبيعية) لسلوكهم الخاطئ بدلا من العقاب، فعلى سبيل المثال، إذا ألقى الطفل طعامه على الأرض فخذي منه صحنه بعيدا عنه، فالجزاء من جنس العمل.
وبحسب موقع "كيدز هيلث"، فإنه على الأم محاولة الاستعاضة عن السلوك غير المقبول بآخر جيد، فالطفل عندما يصرخ أو يضرب أمه لجذب الإنتباه عليها أن توضح له أن كلمة "ساعديني" أفضل من الصراخ، وأنه يستطيع الربت على كتفها إذا كانت مشغولة حتى تلتفت إليه.
4- توصيل المعلومة بشكل مبسط وسهل باستخدام وسائل مختلفة، مثل الصور والتمثيل والحركات حتى يستطيع الطفل فهم المطلوب، ولضمان تحقيق ذلك يمكن التنسيق بين الأم وأفراد العائلة والمعلمة لاتباع نفس الطريقة معه في توصيل المعلومة، ومكافأته على المجهود الذي بذله وليس فقط على النتيجة، مما يدفعه إلى بذل المزيد وتكرار المحاولة.
5- الروتين اليومي يساعد طفلك إذا كان مصابا بـ"التوحد" أو "اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط"، حيث يحتاج أن يكون على علم مسبق بالمطلوب منه، ويصبح الجدول الزمني محفزا له، سواء في صورته المكتوبة التقليدية أو في هيئة ملصقات مصورة لتوصيل المعلومة إلى الطفل البصري، مما يمكنه من متابعة المهام المكلف بها طوال اليوم.
عليك الإيمان بقدرات ابنك والصبر عليه، فمحاولاته الفاشلة يعقبها نجاح فلا داعي للعجلة ورفع راية الاستسلام، وإن تشجيعك المستمر له ووقوفك بجانبه هما العمود الرئيسي في طريقه.