يعد عكس الحروف أو "الكتابة المرآتية" أو حتى الكلمات أمرا شائعا لدى الأطفال الأصغر سنا أثناء انتقالهم من رسم الصور والأشياء إلى كتابة الحروف. وليست الحروف الوحيدة التي يتم الخلط بينها ولا يتوقف الأمر عندها، فالكلمات والأرقام يمكن أن تخضع للكتابة المرآتية أيضا.
فلماذا تحدث الكتابة المرآتية، وكيف يمكن مساعدة الطفل الذي يقوم بعكس الحروف، وهل عكس الحروف علامة على عسر القراءة أو الكتابة؟
من جهتها تُعرّف المتخصصة النفسية الدكتورة سلام عاشور الكتابة المعكوسة أو الكتابة المرآتية، بأنها نمط من الكتابة يقوم على الكتابة عكس الاتجاه الأصلي للكتابة، أي أن الحروف تُكتب من اليسار إلى اليمين بدلاً من اليمين إلى اليسار.
وتبدو الكتابة المعكوسة وكأنها كتابة عادية عندما تُعرض على مرآة. واستُخدمت الكتابة المعكوسة عدة قرون على يد عدد من الأشخاص، ومنهم ليوناردو دافنشي ونابليون بونابرت.
هناك العديد من الأسباب التي تجعل الناس يكتبون بشكل عكسي، ومنها:
الاستعدادات البصرية: قد يكون الأشخاص الذين لديهم استعدادات بصرية قوية أكثر عرضة للكتابة بشكل عكسي.
صعوبات التعلم: قد يكتب بعض الأشخاص بشكل عكسي كعرَض لصعوبات التعلم مثل عسر القراءة أو عسر الكتابة.
الكتابة المعكوسة
نصائح لمساعدة الطفل للتخلص من الكتابة المعكوسة:
ابدأ بتقييم سبب الكتابة المعكوسة.
تحسين مهاراته البصرية.
إذا كان طفلك يكتب بشكل عكسي بسبب صعوبات التعلم فقد تحتاج إلى التركيز على تحسين مهاراته البصرية والمكانية.
ساعد طفلك على تطوير وعيه البصري.
ويمكنك القيام بذلك من خلال ألعاب وأنشطة مثل:
ألعاب مطابقة الأشكال والصور.
ألعاب تحديد الاتجاهات.
ألعاب التتبع.
كما يمكنك مساعدة طفلك على تطوير مهاراته المكانية من خلال ألعاب وأنشطة مثل:
ألعاب التجميع.
ألعاب البناء.
ألعاب ترتيب الأشياء.
قدم لطفلك الكثير من الفرص للممارسة، فكلما زاد عدد المرات التي يكتب فيها طفلك زاد احتمال تعلمه الكتابة بشكل صحيح.
وتختم عاشور بالقول: إذا كنت قلقا بشأن الكتابة المعكوسة لطفلك، فاستشر أخصائي علاج النطق، فقد يتمكن من مساعدتك في تحديد سبب الكتابة المعكوسة لطفلك وتطوير خطة علاج مناسبة.
التدخلات المبكرة
يعتبر عكس الحروف من حين لآخر جزءا طبيعيا من منحنى التعلم، إلا أن بعض العلامات قد تؤشر لإجراء فحص دقيق.. ويمكن أن يكون الانعكاس المستمر لأحرف معينة، أو الصعوبة المستمرة في التمييز بين الحروف المتشابهة بصريا، أو التحديات الأوسع في المهام المتعلقة باللغة مثل القراءة والتهجئة، مؤشرا على صعوبات التعلم الأساسية.
ومن المهم ملاحظة أن عكس الحروف وحده لا يشير بشكل قاطع إلى عسر القراءة أو خلل الكتابة، وفق الدكتورة رلى، مشيرة إلى أن عسر القراءة يؤثر في المقام الأول على قدرات القراءة، في حين يتعلق عسر الكتابة بالتحديات في الكتابة. ومع ذلك، فإن الصعوبات المستمرة في التعرف على الحروف، بالإضافة إلى الصعوبات في مهام القراءة أو الكتابة قد تشير إلى وجود هذه الحالات. لذا يعد التحديد المبكر والتدخلات المبكرة أمرا حيويا لدعم الأطفال الذين يعانون من هذه الصعوبات التعليمية.
وغالبًا ما يتصارع الآباء مع مسألة ما إذا كان عكس الحروف مدعاة للقلق، ويكمن المفتاح في اعتماد منظور متوازن إلى الموضوع.
الانتكاسات العرضية
تعتبر الانتكاسات العرضية، خاصة في المراحل الأولى من الكتابة، جزءا طبيعيا من عملية التعلم وغالبا ما يتم حلها بمرور الوقت والممارسة. ومع ذلك، إذا أظهر الطفل باستمرار تحديات في التعرف على الحروف، أو واجه صعوبات في الأنشطة المتعلقة باللغة، فمن المستحسن طلب التوجيه من المعلمين أو المتخصصين، حيث يعزز التدخل المبكر فرص معالجة اختلافات التعلم المحتملة بشكل فعال.
وننصح الأهل بالتحلي بالصبر، وتعليم الطفل الأحرف بأشكالها الصحيحة، وطريقة اتجاه الكتابة الذي يجب الاعتماد عليها مع التدريب المستمر.
وتتضمن معالجة عكس الحروف جهدا تعاونيا بين أولياء الأمور والمعلمين والمتخصصين، وفق الدكتورة رلى، ويمكن أن تشمل التدخلات تمارين مصممة خصيصا لتحسين المهارات الحركية الدقيقة، وإشراك الأنشطة لتعزيز التعرف على الحروف، ودمج الأساليب متعددة الحواس لتعزيز التعلم.
دور المعلم في تقديم المساعدة
وتحت عنوان "كيف تساعد الطلاب الذين يقومون بعكس الحروف؟"، نشر موقع "تيش ستارتر" توضيحا لهذا السلوك ودور المعلم في المعالجة. تقول بيث مكارتر المعلمة المعتمدة في تكساس والحاصلة على شهادة خاصة في عسر القراءة: إن بعضا من ممارسات الكتابة المرآتية سوف تختفي ببساطة عندما يقوم من يعاني منها بالقراءة والكتابة أكثر. وهنا يأتي دور المعلم في التحفيز على محاولة الكتابة.
وتشير إلى أن الأطفال الصغار لم يتعرفوا بعد على الحروف الأبجدية بشكل جيد، لذلك من السهل الخلط بين الرموز التي تبدو متشابهة جدا. وتضيف: ربما لم يُخزنوا شكل الحروف في ذاكرتهم الطويلة المدى بعد.
وتنصح بأن ملاحظة الرسائل التي يتم نقلها وسؤال الطالب عما لاحظه بشأن الكتابة يمكن أن يكون كافيا في بعض الأحيان لمساعدته، وعند دراسة كتاباته يمكن توضيح الصواب والقفز عن الخطأ. وتلفت إلى أن تعليم الكتابة اليدوية تبدأ في سن الخامسة، ويعد تدريس الاتجاه من البداية أمرا أساسيا. فيجب تعليم مفاهيم "للأمام" و"للخلف"، لكن اجعل الأمر بسيطا وممتعا.