اضطرابات طيف التوحد هي الحالات التي يواجه فيها الأشخاص صعوبة في تطوير العلاقات الاجتماعية العادية، أو استخدام اللغة بشكل طبيعي، أو يعجزون عن استخدامها بشكل مطلق، ويُظهرون سلوكيات مقيَّدة أو تكرارية.
ويواجه المصابون صعوبة في التواصل مع الآخرين والارتباط بهم.
تكون لدى المصابين باضطراب طيف التوحد أيضًا أنماط سلوكية و/أو اهتمامات و/أو أنشطة محدودة، وغالبًا ما يتبعون روتينًا صارمًا في حياتهم.
يستند التشخيص إلى مراقبة الطفل، وتقارير الأهل ومقدمي الرعاية، والاختبارات النوعية المعتمدة للتحري عن التوحد.
يستجيب معظم المصابين بشكل جيد إلى المداخلات العلاجية القائمة على المداخلات السلوكية المُنظمة بشكلٍ عالٍ.
تُعد اضطرابات طيف التوحد من اضطرابات التطور العصبي.
جرى اعتبار التوحد بأنه طيف أو نطاق من الاضطرابات، لأن مظاهره تتباين كثيرًا من حيث النوع والشدة.كان التوحد فيما سبق يُصنف في خمسة أنواع: التوحد التقليدي، ومتلازمة أسبرجر، والإعاقة الذهنية، والاضطراب التحللي الطفولي، واضطراب الارتقاء المنتشر.ولكن، نظرًأ لوجود تداخل كبير جعل من الصعب التميز بينها، ولذلك لا يستخدم الأطباء حاليًا هذه المصطلحات، ويُطلقون على جميع أنواع التوحد اسم اضطرابات طيف التوحد (باستثناء متلازمة ريت، التي تُعد اضطرابًا وراثيًا مميزًا).يختلف اضطراب طيف التوحد عن متلازمة ريت، على الرغم من أن الكثير من المصابين بالتوحد يُعانون من كلا الحالتين.ويؤكد نظام تصنيف اضطرابات طيف التوحد على أنه ضمن الطيف الواسع للمرض قد تتباين سماته من حيث الشدة أو الوضح بين مريض وآخر.
تحدث هذه الاضطرابات بمعدل حالة واحدة لكل 54 شخصًا في الولايات المتحدة، وتكون أكثر شيوعًا عند الذكور بنسبة 4 أضعاف مما هو الحال عند الإناث.وتشير الإحصائيات إلى أن العدد التقريبي للأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد قد ازداد بسبب تعلم الأطباء ومزودي الرعاية المزيد حول أعراض الاضطراب.
أسباب اضطرابات طيف التوحد
لا تزال الأسباب النوعية لاضطرابات طيف التوحد غير مفهومة بشكل كامل، على الرغم من أنها غالبًا ما تتصل بعوامل جينية.في حال وجود طفل في العائلة مصاب بالتوحد، فإن خطر ولادة طفل آخر مُصاب بالتوحد يبلغ 3 إلى 10%.قد ترتبط العديد من العوامل الجينية مثل متلازمة الصبغي X الهش، ومعقد التصلب الحدبي، ومتلازمة داون، مع الإصابة باضطرابات طيف التوحد.
كما يمكن لأنواع العدوى قبل الولادية، مثل عدوى الحصبة الألمانية أو العدوى بالفيروس المضخم للخلايا، أن تمارس دورًا في الإصابة.قد يكون الخداج (الولادة المبكرة) أيضًا عامل خطورة: فكلما وُلد الطفل في مرحلة مبكرة أكثر، كلما ازداد خطر حدوث اضطراب طيف التوحد.
يكون لدى بعض الأطفال المصابين بالتوحد فُروق في كيفية تشكُّل دماغهم وكيفية قيامه بوظائفه.
من المؤكد بأن اضطرابات طيف التوحد لا تنجم عن سوء رعاية الأبوين، أو العنف الأسري والتجارب القاسية في الطفولة، أو اللقاحات (انظر أيضًا اللقاح الثلاثي والمخاوف بشأن التوحد).
هل تعلم... لا تنجم اضطرابات طيف التوحد عن اللقاحات.
أعراض اضطرابات طيف التوحد
تبدأ أعراض التوحد بالظهور في أول سنتين من الحياة، ولكن الأشكال البسيطة من المرض قد لا يمكن تمييزها حتى وصول الطفل إلى عمر المدرسة.
تتطور الأعراض لدى مرضى طيف التوحد في المجالين التاليين:
التواصل الاجتماعي والتفاعل مع الآخرين
الأنماط السلوكية المُقيدة والمتكررة
تتراوح أعرَاض اضطراب طيف التوحد بين الخفيفة والشديدة، ولكن معظم الأشخاص يحتاجون إلى مستوى معين من الدعم في كلا المجالين.يتباين مرضى طيف التوحد بشكل كبير من حيث قدرتهم على القيام بالمهام الاعتيادية باستقلالية سواءً في المدرسة أو المجتمع، وفي حاجتهم إلى الدعم.وبالإضافة إلى ذلك، فإن حوالى 20 إلى 40٪ من الأطفال الذين يعانون من التوحد، وخاصة أولئك الذين يكون معدل الذكاء لديهم أقل من 50، يُصابون باختلاجات قبل الوصول إلى سن البلوغ.في حوالى 25% من الأطفال المصابين، يحدث فقدان المهارات المكتسبة سابقًا (ارتداد أو ارتكاس النمو) بالتزامن مع تشخيص المرض، وقد يكون ذلك المؤشر الأول على الإصابة.
التواصل الاجتماعي والتفاعل مع الآخرين
كثيراً ما تحدث المعانقة والتواصل البصري بشكل غير مألوف لدى الأطفال الرضع المُصابين بالتوحد.وعلى الرغم من أن بعض الأطفال الرضع المُصابين ينزعجون عند فصلهم عن ذويهم، إلا أنهم لا يلجؤون إلى آبائهم طلبًا للحماية كما يفعل بقية الأطفال.وكثيرًا ما يفضل الأطفال الأكبر سنًا اللعب بمفردهم، ولا يقيمون علاقات وثيقة، ولا سيما خارج الأسرة.وعند التفاعل مع الأطفال الآخرين، فقد يتجنب الطفل التواصل البصري ولا يستخدم التعبيرات الوجهية لتأسيس تفاعل اجتماعي، وقد يواجه صعوبة في تفسير تعبيرات وأمزجة الآخرين.قد يواجه الطفل صعوبة في معرفة كيفية المشاركة في الأحاديث، وتمييز الكلمات الودودة من الكلمات الجارحة.تؤدي هذه العوامل إلى جعل الطفل يبدو غريب الأطوار بنظر الآخرين، مما يؤدي إلى عزلته اجتماعيًا.
اللغة
في الحالات الشديدة جدًا من التوحد لا يمكن للطفل أن يتعلم الكلام.وإذا تمكن الطفل من الكلام، فلا يكون ذلك إلا في وقت متأخر، ويستخدم الكلمات بمواضع غريبة.وكثيرًا ما يكرر الطفل الكلمات المنطوقة إليه (صدى النص echolalia)، أو يستخدم الكلام المحفوظ بدلًا من التكلم بعفوية، أو يعكس الاستخدام العادي للضمائر، ولا سيما استخدام "أنت" بدلًا من "أنا"، أو ضمير الملكية "لي" بدلًا من "لهم".قد لا تكون المحادثة مع الطفل تفاعلية، وغالبًا ما يستخدم اللغة لتسمية الأشياء أو طلب مساعدة، وليس لمشاركة الأفكار أو المشاعر.قد يتكلم الأشخاص المصابون باضطراب طيف التوحد بإيقاع ونبرة غير عاديين.
السلوك، والاهتمامات، والأنشطة
غالبًا ما يكون الشخص المُصاب باضطراب طيف التوحد مقاومًا جدًا للتغيير، مثل تناول طعام أو ممارسة ألعاب الجديدة، أو ترتيب الأثاث والملابس.وقد يتعلق بشدة بالجمادات.وكثيرًا ما يُكرر القيام بالأشياء.وكثيرًا ما يكرر الأطفال الأصغر سنًا و/أو الأكثر تضررًا أعمالاً معينة، مثل الأرجحة، أو تقليب الكفين، أو تدوير الأجسام.وقد يلحق بعضهم الأذى بنفسه من خلال تلك السُّلُوكيات المتكررة، مثل هز رؤوسهم أو عض أنفسهم.أما الأطفال الأقل تضررًا، فقد يشاهدون الفيديو نفسه عدة مرات، أو يُصرون على تناول نفس الطعام في كل وجبة.غالبًا ما تكون اهتمامات المصابين بالتوحد غير اعتيادية وشديدة التخصص.على سبيل المثال، قد يكون الطفل مولعًا بالمكانس الكهربائية.
كثيرًا ما تكون ردات فعل الأطفال المصابين بالتوحد تجاه الحواس شديدة أو ضعيفة جداً.فعلى سبيل المثال، قد ينزعجون بشدة من ملمس أو روائح أو مذاقات معينة، أو يستجيبون بشكل باهت لإحساسات مؤلمة أو باردة أو حارة يجدها الآخرون مزعجة للغاية.وقد يتجاهلون بعض الأصوات، في حين قد تزعجهم أصوات أخرى بشكل شديد.
الذكاء
يعاني الكثير من المصابين بالتوحد من درجة ما من الإعاقة الذهنية (معدل ذكاء IQ أقل من 70).ويتفاوت أداؤهم بشكل كبير.وعادة ما يكون أداؤهم أفضل في اختبارات المهارات الحركية والاستيعاب الفراغي، وذلك بالمقارنة مع الاختبارات اللفظية.يمتلك بعض المصابين بالتوحد مهارات ذاتية التعلم أو فريدة، مثل القدرة على القيام بعمليات حسابية معقدة، أو امتلاك مهارات موسيقية متقدمة.ولكن للأسف، كثيرًا ما يعجز هؤلاء الأشخاص عن توظيف مهاراتهم بطريقة تفاعلية أو مثمرة اجتماعيًا.