"التوحد".. الاضطراب الغامض يتسلل إلى نفوس الصغار

انشأت
شوهدت 376 مرة
لم تعدل منذ نشرت
6 دقيقة قراءة
0

أجمع مختصون وخبراء على أن غياب وعي الآباء بأعراض وخصائص اضطراب طيف التوحد يقلل من نجاح فرص العلاج، مشيرين إلى ان الكشف المبكر عن الحالة لدى الأطفال تسهم بصورة كبيرة في تخفيف حدة تأثيرات المريض على الأطفال.

وقالوا- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- إنه لا يوجد سبب معروف ولا علاج تام للاضطراب، غير أن الأبحاث تظهر أنَّ التدخل المبكر يمثل فارقاً كبيرًا في نمو الطفل، مما يُؤدي إلى تحسين النتائج للأطفال المصابين، بما في ذلك نسبة الذكاء، وزيادة المهارات الاجتماعية والحيوية.

وعرفوا اضطراب طيف التوحد بأنه اضطراب نمائي ناتج عن خلل عصبي (وظيفي) في الدماغ، يظهر في السنوات الأولى من العُمر؛ حيث يُعاني الأطفال من صعوبات في التواصل مع الآخرين واستخدام اللغة بشكل مُناسب، والتفاعل الاجتماعي، واللعب التخيلي إضافة إلى ظهور أنماط من السلوكيات المُختلفة فهو عجز يُعيق تطوير المهارات الاجتماعية والتواصل اللفظي وغير اللفظي واللعب التخيلي والإبداعي. وأكدوا أن هذا الاضطراب يُؤثر على طريقة جمع المعلومات ومُعالجتها بواسطة الدماغ، ما يتسبب في مشكلات بالمهارات الاجتماعية، مثل عدم القدرة على الارتباط وخلق علاقات اجتماعية مع الأفراد، وعدم القدرة على اللعب واستغلال وقت الفراغ، فضلا عن صعوبة التصور البناء والملاءمة التخيلية.

 ضمن احتفالات العالم بيوم التوحد العالمي ستُنظم الجمعية العُمانية للتَّوحد مسيرة للتوعية باضطراب التوحد في مُتنزه القرم الطبيعي مساء الجمعة 7 أبريل، وذلك تحت رعاية صاحب السُّمو السيِّد فيصل بن تركي آل سعيد رئيس الأولمبياد العُماني الخاص.

وفي هذا الصدد، قالت رحمة بنت ناصر العامرية مديرة الجمعية العُمانية للتوحد إنَّ المسيرة ستنطلق عند الساعة الرابعة والنصف بمُصاحبة الفرقة الكشفية الموسيقية وبمشاركة أولياء أمور الأطفال المُصابين بالتوحد والأخصائيين والإداريين من مراكز التأهيل والجهات الخدمية التي تُقدم خدماتها لهذه الفئة.

وأضافت أنَّ راعي الحفل سيقوم بافتتاح المعرض الموجه لتأهيل المُصابين بالتوحد في السلطنة والذي يضم مجموعة من الأركان من بينها ركن الجمعية وقسم التشخيص بالمستشفى وركن لطلبة معهد العلوم الصحية ومركز الأمان التابع لوزارة التنمية الاجتماعية ومُعظم مراكز التأهيل الخاصة الموجودة بالسلطنة، إلى جانب مركز الخليج التخصصي والذي سيتولى فحص الحاضرين دون مُقابل مع تطبيق بعض الأنشطة في مجال العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي ومشاركة جمعية السلامة على الطريق والتي ستستعرض الاحتياطات المرورية أثناء قيادة السيارات والحفاظ على أرواح الأطفال، إضافة إلى بعض الألعاب المصاحبة للمسير وركوب الخيل وركن الطفل والذي يحتوي على مرسم واللعب بالرمل من تنظيم فريق زمرد التطوعي، كما يتواجد بالقرب من المسرح ملعب مُصغر لمركز السامبا للخماسيات وكرة القدم.

الذكور الأكثر إصابة

وحول تفاصيل التَّوحد، قالت الدكتورة منى بنت سعيد الشكيلية استشارية الطب النفسي -أطفال ومُراهقين- بمستشفى المسرة إنَّ أغلب الأشخاص لديهم معرفة بسيطة عن اضطراب طيف التوحد وقد يكون ذلك عن طريق ما ينشر بالصحف أو بعض العروض المرئية، أو حتى عن طريق المعرفة الشخصية بطفل لديه هذا الاضطراب، فاضطراب طيف التوحد ليس بشيء نادر الحدوث حيث إنَّ الدراسات الأمريكية أوضحت أنَّه بين كل 50 طفلاً هنالك طفل مُصاب بالتوحد، كما أنَّ الأولاد أكثر إصابة بهذا الاضطراب من البنات. وأضافت أنه لا تتوافر في السلطنة حتى الآن إحصائية دقيقة عن عدد الأطفال المصابين بالتوحد؛ حيث إنِّه لا يوجد سبب معروف ولا علاج تام له، ولكن الأبحاث تظهر أنَّ التدخل المبكر يحدث فرقاً كبيرًا في نمو الطفل مما يُؤدي إلى تحسين النتائج للأطفال المصابين بالتوحد، بما في ذلك نسبة الذكاء، وزيادة المهارات الاجتماعية والحيوية.

وأضافت: يُمكننا تعريف اضطراب طيف التوحد بأنه اضطراب نمائي ناتج عن خلل عصبي (وظيفي) في الدماغ، يظهر في السنوات الأولى من العُمر، حيث يُعاني الأطفال من صعوبات في التواصل مع الآخرين واستخدام اللغة بشكل مُناسب، والتفاعل الاجتماعي، واللعب التخيلي إضافة إلى ظهور أنماط من السلوكيات المُختلفة فهو عجز يُعيق تطوير المهارات الاجتماعية والتواصل اللفظي وغير اللفظي واللعب التخيلي والإبداعي وهو يُؤثر على الطريقة التي يتم من خلالها جمع المعلومات ومُعالجتها بواسطة الدماغ مسببة مشكلات في المهارات الاجتماعية تتمثل في عدم القدرة على الارتباط وخلق علاقات مع الأفراد، وعدم القدرة على اللعب واستغلال وقت الفراغ، وعدم القدرة على التصور البناء والملاءمة التخيلية ونظرًا لاختلاف علامات وأعراض اضطراب طيف التَّوحد من طفل إلى آخر، فمن المرجح أنَّ يتصرف كل واحد منهم بطريقة مختلفة عّن الآخر، مع نفس التشخيص الطبي، حيث قد تكون لدى كل منهما مهارات مختلفة كلياً.

التشخيص المبكر

وتابعت أنَّ التشخيص المُبكر ممكن حتى في عُمر السنة والنصف لذلك يجب على الوالدين أن ينتبها إلى بعض المؤشرات المُقلقة بين عمر 6 أشهر والسنة إذا كان الطفل لا يبتسم لوالديه على سبيل المثال، أو لا يُحاول تقليد أي من الأصوات الصادرة من الأشخاص الذين حوله أو لا يستجيب عندما يتم المناداة عليه باسمه مع الإصرار على ذلك، ويكون التواصل البصري ضعيفًا وتكون تعابير وجهه ضعيفة إذا لم يكن لديه أي نوع من أنواع المحاولة لشد انتباه والديه، وإن كان هنالك تواصل بصري فقد يكون محدودا جدًا ولفترات قصيرة وغالباً ما يبدو أنَّه لا يسمع محدثه ويرفض العناق أو ينكمش على نفسه ويبدو أنَّه لا يُدرك مشاعر وأحاسيس الآخرين ويبدو أنَّه يحب أن يلعب لوحده، يكون في عالمه الشخصي الخاص به، أما بالنسبة للمهارات اللغوية فقد يبدأ نطق الكلمات في سن متأخرة، مقارنة بالأطفال الآخرين أو لا يتحدث نهائيًا إلى جانب أنَّه يفقد القُدرة على قول كلمات أو جمل معينة كان يعرفها في السابق ويتحدث بصوت غريب أو بنبرات وإيقاعات مختلفة، يتكلم باستعمال صوت غنائي، وتيري أو بصوت يشبه صوت الإنسان الآلي (الروبوت) ولا يستطيع المبادرة إلى محادثة أو الاستمرار في مُحادثة قائمة وقد يُكرر كلمات، عبارات أو مصطلحات، لكنه لا يعرف كيفية استعمالها.

ومضت قائلة أنه في حال تكررت الأعراض المذكورة مسبقاً فمن الأفضل عرض الطفل على طبيب مختص، كما أنَّ وزارة الصحة في السلطنة دشنت برنامج التشخيص المُبكر لاضطراب طيف التوحد في عمر السنة والنصف.

وزادت أنَّه لاختلاف علامات وأعراض التوحد من طفل إلى آخر، فمن المرجح أن يتصرف كل واحد من طفلين بطريقة مُختلفة، على الرغم من أنهما يحملان ذات التشخيص الطبي، حيث قد تكون لدى كل منهما مهارات مختلفة كليًا.

وأشارت إلى أن هناك مشاكل سلوكية حيث يقوم التوحدي ببعض الحركات المُختلفة كأن يقوم بالرفرفة أو الهز أو الدوران في دوائر حول نفسه وتكرار بعض العادات والطقوس أو يبدو عليه الشعور بالضيق أو لا يستطيع التأقلم مع أي تغيير اعتاد عليه حتى وإن كان بسيطاً ويكون الطفل شديد الحساسية، بشكل مبالغ فيه، للضوء، للصوت أو للمس، في المُقابل قد يكون غير قادر على الإحساس بالألم ويعاني الأطفال صغار السن من صعوبات عندما يطلب منهم مشاركة تجاربهم مع الآخرين، أو حتى عندما يودون طلب شيء معين فهم في بعض الأحيان لا يستطيعون الإشارة بيدهم في اتجاه ما يُريدون، مشيرة الى ان هذه مهارة اجتماعية تتطور في سن مُبكرة من حياة الطفل وهي ضرورية لتطوير بعض المهارات الاجتماعية واللغوية في مرحلة النمو لاحقًا.

وأوضحت أنَّه في السلطنة يتم تشخيص الأطفال المُصابين باضطراب طيف التوحد في 3 مراكز أساسية هي مُستشفى المسرة ومستشفى جامعة السلطان قابوس والمستشفى السلطاني، كما يتم التشخيص أيضاً في مستشفى عبري المرجعي، وتتم عملية التشخيص عن طريق ملاحظة مُباشرة لسلوك الطفل بواسطة اختصاصي معتمد، كما أنَّ التاريخ المرضي الذي يجمع من الوالدين أو الأقارب المقربين مهم جداً في عملية التشخيص عند الذهاب لطبيب تطور ونمو للأطفال أو طبيب نفسي للأطفال والمراهقين.

وتابعت: كلما تقدم الأطفال في السن نحو مرحلة البلوغ، يمكن أن يصبح عدد منهم أكثر قدرة واستعداداً للاختلاط والاندماج في البيئة الاجتماعية المحيطة، ومن الممكن أن يظهروا اضطرابات سلوكية أقل من تلك التي تميز اضطراب طيف التوحد، حتى إن بعضهم، وخاصة ذوي الاضطرابات الأقل حدة وخطورة، ينجح، في نهاية المطاف، في عيش حياة عادية أو نمط حياة قريب من العادي والطبيعي. وأوضحت أنه في المُقابل تستمر لدى آخرين الصعوبات في المهارات اللغوية وفي العلاقات الاجتماعية المُتبادلة، حتى إن بلوغهم يزيد، فقط، مشاكلهم السلوكية سوءًا وترديًا، وهناك قسم من الأطفال، بطيئون في تعلم معلومات ومهارات جديدة، في حين يتمتع آخرون منهم بنسبة ذكاء طبيعية، أو حتى أعلى من أشخاص آخرين، وهؤلاء الأطفال يتعلمون بسرعة، لكنهم يُعانون من مشاكل في الاتصال، في تطبيق أمور تعلموها في حياتهم اليومية وفي ملاءمة أنفسهم على الأوضاع والحالات الاجتماعية المُتغيرة.

وزادت أنَّ عددا ضئيلا جدا من الأطفال الذين يعانون من الاضطراب تتوافر لديهم مهارات استثنائية فريدة، تتركز بشكل خاص في مجال مُعين مثل الفن، الرياضيات وغيرها في نهاية المطاف نتحدث عن علاج لاضطراب طيف التَّوحد لا يتوفر، حتى يومنا هذا، علاج واحد ملائم لكل المصابين بنفس المقدار. وفي الحقيقة، فإنَّ تشكيلة العلاجات المتاحة لأطفال التوحد والتي يُمكن اعتمادها في البيت أو في المدرسة هي متنوعة ومتعددة جدًا، على نحو مثير للذهول.

واسترسلت إنّه بإمكان الطبيب المعالج المساعدة في إيجاد الموارد المتوفرة في منطقة السكن والتي يمكنها أن تشكل أدوات مساعدة في العمل مع الطفل مريض التوحد. وتشمل إمكانيات علاج التوحد العلاج السلوكي ومن أهمها وأكثر فاعلية تحليل السلوك التطبيقي وعلاجات أمراض النطق واللغة والعلاج التربوي التعليمي والعلاج الدوائي لبعض المشاكل المصاحبة.

صبر في التدريب

ومن جانبها، قالت صبرة بنت عمار مديرة مركز الملاذ للتأهيل إن طيف التوحد هو اضطراب نمائي تطوري يُؤثر على كافة مجالات النمو من تواصل بصري وتفاعل اجتماعي ولغوي وحسي، تظهر أعراضه في الـ3 سنوات الأولى كاختلال في الأداء البصري والذي يظهر في عدم قدرة الطفل على النظر إلى مخاطبه وقد يبدو كأنه أصم لمن لا يُدرك وضعه رغم أنه لا يعاني إعاقة عضوية، والصعوبات الأساسية لدى الطفل التوحدي تتمحور في قصور التفاعل الاجتماعي كبناء العلاقات الاجتماعية فهو لا يُبادر عمومًا بانفعالات عاطفية طبيعية (عند الحزن أو الفرح) قد تفسر على أنها برود أو تخلف عقلي، ولا يفهم تعبيرات الوجه بشكل صحيح ولا يستخدم الإشارة بشكل سليم للتعبير عن احتياجاته، ولا يوجد تواصل اجتماعي حتى مع الوالدين ولا يتضايق من وجوده بمفرده.

وأضافت أنّ التوحدي يحتاج إلى مجهود وصبر في التدريب على دخول الحمام والاهتمام بنفسه، وغالباً ما يتعرَّض أهالي أصحاب حالات التوحد إلى مضايقات من المجتمع، نظرًا لعدم إدراك أفراده للحالة التي يشكو منها هذا الطفل ويعود ذلك إلى ملاحظات سلوكيات شاذة وغير طبيعية ومعظمها اضطرابات حسية، فهم يعيشون بعالم مشوش بمعالمه، فهم لا يرون ما نراه نحن.

وتابعت: لا يُمكن أن يتحسن الطفل دون منحه الحب والاهتمام، ونعني بذلك التشخيص المُبكر للحالة والتدخل بأسرع وقت، فكلما تأخرنا في التدخل والعلاج كانت النتائج أقل فعالية، وللعائلة الدور الكبير في تطوير ابنها واكتشاف مهارات عالية المستوى. يتفوق فيها هذا الطفل وهناك من المشاهير المصابين باضطراب طيف التَّوحد العدد الكافي ليبهرنا بقدراتهم في مُختلف المجالات.

وأشارت إلى استحالة تحسن حالة الطفل التوحدي دون أن يجتاز برامج تأهيلية علاجية مُختصة يُقدمها له مختصون في علاج النطق والتخاطب والعلاج الوظيفي والنفسي وتعديل السلوك، والتربية الخاصة، وهناك من يطلق على اضطراب طيف التوحد أنه مرض وهو خطأ فادح، والبعض الآخر يعتبره مساً من الجنون، وهو أيضاً تفكير غير صائب. وأكدت أنه اضطراب لا زالت أسبابه غير مؤكدة وغير واضحة، ولم يتوصل الباحثون والعلماء لتلك الأسباب، ورغم أنّ التوحد له مسمى واحد، إلا أنه درجات تختلف من الشديدة إلى المتوسطة إلى الخفيفة، ولا يمكن أن تتشابه فيه الحالات رغم أن الأعراض متشابهة، مشيرة إلى أن كل طفل توحدي هو حالة خاصة يجب للتعامل معه بصورة علمية تؤهله للاندماج؛ إذ لابد من تدريبه على تنمية مهاراته الفردية والوصول به إلى مرحلة الاستقلالية وللتقليص من الأعراض التي لديه، وهناك حالات نجحت في الدمج المدرسي وتميزت من بين الطلاب الأسوياء وهناك من توصل إلى إتقان مهارات في التأهيل المهني بعد سن البلوغ.

غياب الوعي

ومن جانبه قال أحمد سليمان حمد الشبيبي والد لطفل توحدي إنّه كان في السابق يسمع عن طيف التوحد لكن ليس لديه معلومات كافية عنه إلى أن اكتشف بعد أن خضع ابنه للفحص أنّه مصاب بالتوحد.

وأضاف: ابني بعد أن وصل أكمل عامه الأول لم يكن ينطق الأصوات التي يتعارف عليها الجميع لدى الأطفال إلى جانب أنه كان هادئاً جداً بدون حركة طبيعية وعند مناداته لا يستجيب وعندما ذهبنا به إلى المستشفى اتضح إنَّه يُعاني من التوحد، وبعدها بدأت معه مرحلة العلاج وهو صغير في أحد المراكز التأهيلية بمسقط وهو مركز التوحد المتكامل، والآن الحمد لله تحسن كثيرًا بنسبة تجاوزت الـ70% وتم دمجه في المدارس مع الطلاب وهو الآن بحالة جيدة يهتم بدروسه ولديه قدرة على الحفظ والفهم.

  • 64825
  • 2 شارة ذهبية 1 شارة فضية 8 شارة برونزية