0

يصنف التوحد على أنّه إعاقة اجتماعية، ويُشترط لتشخيصه أن يواجه المريض تحديات في التواصل الاجتماعي والتفاعل، وهذه التحديات تخلق سلوكيات تفاعلية غير مرغوبة عند الأشخاص المشخصين بالتوحد، فمثلًا؛ قد يصرخ أحدهم أو يضرب رأسه بالجدار للتعبير عن حاجة ما مثل الجوع، أو يضع إصبعه في فمه ليتقيأ ويجمع حوله الآخرين.


يواجه الأهل ضغوطات نفسية كبيرة، ويحتاجون إرشادات كثيرة للتعامل مع هذه السلوكيات وتعديلها، وحتى الأخصائيين الذين يتعاملون مع هذه الفئة من الناس لا بد لهم أن يكونوا على دراية كافية بالطرق الملائمة لفهم السلوك وتعديله، وهنا يبرز دور علم تعديل السلوك، الذي من شأنه تحليل السلوكيات، ومحاولة معرفة أسبابها، ثم التعامل معها، وهو علم لا يتعامل مع مرض بعينه، بل يتعامل مع السلوكيات غير المرغوبة بشكل عام، فقد تكون هذه السلوكيات عند الأشخاص المشخصين بمتلازمة داون أو جوبرت مثلًا.


قد يستهين الأهل بموضوع تعديل السلوك في بداية الأمر، ولكن لإهماله تبعات سلبية كبيرة قد يحتاج الأهل لفترات طويلة لتجاوزها، لذا يُنصَح باستشارة أخصائي في تحليل السلوك

إنّ نقطة البداية هي معرفتنا أنّ أي سلوك ينتهجه الأشخاص المشخصون بالتوحد لا يخرج عن أربعة أسباب رئيسية فقط:

1. الهروب، بمعنى محاولة الشخص أن يريح نفسه من أعباء مهمة ما فيلجأ لسلوك غير مرغوب، مثلًا؛ أب يطلب من ابنه أن يقفل الباب، فيقوم الابن بعض نفسه، فيشفق عليه الأب ويقفل الباب بنفسه.

2. جلب الانتباه، إنّ الأشخاص المشخصين بالتوحد يشعرون بثقة أقل، وعدم اهتمام من الأشخاص المحيطين، فيسعون لجلب الانتباه بسلوك غير مرغوب، مثلًا؛ يضرب الطفل شخصًا آخر ليتجمع الأشخاص حوله، أو يضع الأشياء في فمه ليلقى رد فعل ما من الأهل.

3. الحصول على شيء مادي، مثل لعبة أو طعام، مثلًا يضرب الطفل المشخص بالتوحد الطاولة أمامه للحصول على الطعام.

4. وجود تحديات حسية، والتحديات الحسية هي قصور الجهاز العصبي المركزي عن تفسير المدخلات الحسية التي يستقبلها الإنسان من حواسه السبعة -اللمس والبصر والسمع والشم والتذوق والحاسة الدهليزية وحاسة المفاصل والعضلات- والتحديات الحسية تتطلب أخصائي علاج وظيفي لتقييمها والتعامل معها.


إنّ معرفة الدافع وراء السلوك يقودنا لطريقة التعامل معه، وبالرغم من عدم وجود طريقة مثلى، أو ترتيب ثابت لخطوات التعامل مع السلوك، إلا أنّ هناك بعض الخطوط العريضة التي تساعد في التعامل مع السلوك غير المرغوب. ينبغي عدم الاستجابة للسلوك غير المرغوب، فإذا قام الطفل مثلًا بعض نفسه من أجل أن يأخذ لعبة معينة، وردت الأم بالاستجابة له بإعطائه تلك اللعبة، فإنّ الطفل يربط بين عض نفسه والاستجابة له، وتكون الأم قد بنت طريقة خاطئة للتواصل مع ابنها.


التجاهل قد يكون حلًا جذريًا للعديد من المشاكل السلوكية، فإذا تجاهل الأهل سلوكًا غير مرغوب فإنّ الطفل يبحث عن سلوك آخر للتواصل معهم، إلى أن يصل إلى ذلك السلوك المقبول لديهم. والتعزيز الإيجابي قد يكون حلًا آخر، ويكون التعزيز بشيء يحبه الطفل في مقابل سلوك مرغوب.


أمّا المشاكل الحسية فيجب استشارة أخصائي علاج وظيفي للتعامل معها، مع ملاحظة أنّ المشاكل الحسية قد تنتهي تمامًا، ولكن السلوك يبقى، مثلًا؛ إذا كان الطفل يضع يده على أذنيه عند سماعه الأصوات بسبب وجود حساسية زائدة للصوت، وباستمرار جلسات العلاج الوظيفي زال المسبب، ولكن الطفل الذي اعتاد وضع يديه على أذنيه لسنوات لن يتخلى عن هذه العادة مباشرةً، وهنا تكون المشكلة قد خرجت من دائرة التحديات الحسية، ودخلت في باب التعود والروتين.


من المهم أن يكون برنامج تعديل السلوك مطبقًا من قبل كل من يتعامل مباشرةً وكثيرًا مع الطفل المشخص بالتوحد، لأنّ شخص واحد لا يكفي لتعليم الطفل الطرق المناسبة للتواصل، بل يجب أن يألف الطفل السلوك المرغوب، وطريقة تقبله من الجميع حتى يتعلمه.


قد يستهين الأهل بموضوع تعديل السلوك في بداية الأمر، ولكن لإهماله تبعات سلبية كبيرة قد يحتاج الأهل لفترات طويلة لتجاوزها، لذا يُنصَح باستشارة أخصائي في تحليل السلوك مباشرةً عند تشخيص حالة ابنهم بالتوحد.

  • 39205
  • 2 شارة ذهبية 1 شارة فضية 8 شارة برونزية