تعد الإعاقة العقلية من الإعاقات التي توجد في كل المجتمعات، حيث تشير الإحصاءات إلى أن نحو 5‚3 بالألف يعانون نوعاً من أنواع الإعاقة العقلية في الفئة العمرية من 10 – 14 سنة، وتزداد هذه النسبة لتصل إلى نحو 6 بالألف في جميع الفئات العمرية الأخرى، وقد تعددت تصنيفات فئات المعاقين عقليا، وذلك لتسهيل عملية كشفهم والتعرف على خصائصهم وكيفية التعامل معهم بما يساعدهم على حسن استثمار ما لديهم من إمكانات عقلية.
تعريف الاعاقة العقلية : الاعاقه العقليه (الذهنية) هي الاعاقة العقلية الناتجة عن خلل في الوظائف العليا للدماغ كالتركيز والعد والذاكرة والاتصال مع الآخرين وغيرها، والتي ينتج عنها إعاقات تعليمية أو صعوبات تعلم أو خلل في التصرفات والسلوك العام للفرد، كما ويدخل تحت مفهوم الاعاقة العقلية (التخلف العقلي – صعوبات التعلم - اضطراب التوحد).
هذا ويختلف علماء النفس وعلماء التربية الخاصة والطب النفسي وغيرهم في تحديد أسباب الاعاقة العقلية، حيث تشير معظم الأبحاث والدراسات إلى أن الأسباب تتعدد فيما بين الوراثية والإصابات والعوامل الجسدية والأمراض الدماغية واضطرابات في إفراز الغدد الصماء وأمراض سوء التغذية واضطرابات الحمل والولادة والعوامل البيئية والحالة النفسية للأم أثناء الحمل،
أما أهم تصنيف لأسباب الاعاقة العقلية فيحصرها فيما يلي:
1- أسباب ما قبل الولادة: وتنحصر في العوامل الجينية والأمراض التي تصيب الأم الحامل وكبر حجم الجمجمة أو صغرها والتعرض للإشعاعات والعقاقير والأدوية وحالات تسمم البلازما واضطرابات الأيض والتغذية وتلوث الهواء والماء واختلاف العامل الريزيسي بالإضافة إلى الإصابات والأورام الخبيثة.
2- أسباب أثناء الولادة: وتتضمن الولادة العسرة والتهاب السحايا والصدمات الجسدية والولادة غير الطبيعية.
3- أسباب ما بعد الولادة: وتتضمن سوء التغذية والالتهابات والأمراض ونقص اليود ونقص الأكسجين بعد الولادة والتسمم بالملوثات بالإضافة إلى أمراض المخ الشديدة.
خصائص الاعاقة العقلية
أ- المميزات العامة للمتخلفين عقليا
1- الخصائص الجسمية (الجسدية): يتميز المتخلفون عقليا بتأخر النمو الجسمي وبطئه وصغر الحجم بشكل عام، كما أن وزنهم أقل من العادي، ويصغر حجم الدماغ ويقل وزنه لدى المتخلف عقليا عن المتوسط، كما قد تظهر أحيانا تشوهات في شكل الجمجمة والعين والفم والأطراف والأصابع، أما بالنسبة للنمو الحركي فإنهم يتميزون بالتأخر في ذلك وعدم الاتزان الحركي في بعض الحالات، وكذلك الأمر بالنسبة للنشاط الجنسي حيث نجد تأخرا فيه وفي بعض الأحيان نجد ضمورا في الأعضاء التناسلية لدى المصاب.
2- الخصائص العقلية: تتلخص الخصائص العقلية للمتخلفين عقليا بوجه عام في تأخر النمو العقلي وتدني نسبة الذكاء بحيث تقل عن 70 درجة، بالإضافة إلى تأخر النمو اللغوي إلى حد كبير وكذلك الأمر فيما يتعلق بالعمليات العقلية الأخرى مثل ضعف الذاكرة والانتباه والإدراك والتخيل والتفكير والقدرة على الفهم والمحاكمة والقدرة على التركيز، وتكون محصلة ذلك ضعفا في التحصيل ونقصا في المعلومات والخبرة.
3- الخصائص الاجتماعية: يتميز المتخلفون عقليا بضعف القدرة على التكيف الاجتماعي لدرجة دعت بعض علماء النفس إلى اتخاذ القدرة على التكيف الاجتماعي أساسا في تصنيف المتخلفين عقليا إلى فئات وفق قدراتهم على هذا التكيف، وبالطبع هناك تفاوت كبير بين هذه الفئات في القدرة على التكيف الاجتماعي، لكن وبشكل عام فإننا نجد أن المتخلفين عقليا يتميزون بنقص في الميول والاهتمامات
وعدم تحمل المسؤولية، كما أنهم يتميزون بالانسحاب والعدوانية، إضافة إلى اضطراب مفهوم الذات لديهم، حيث نجد أن المتخلف عقليا كثيرا ما ينظر لنفسه على أنه فاشل أو عاجز وأنه أقل من غيره أو أنه لا قيمة له، وهذا المفهوم المضطرب ينعكس إلى حد كبير جدا على سلوكه الاجتماعي بشكل خاص واهتمامه بنظافته الشخصية أيضا، فنجده لا يهتم بتكوين علاقات اجتماعية وخاصة مع أبناء عمره، ويميل إلى المشاركة مع من هم أصغر منه سنا في أي ممارسات اجتماعية.
4- الخصائص العاطفية والانفعالية: يتميز المتخلفون عقليا من الناحية العاطفية بعدم الاتزان الانفعالي وعدم الاستقرار أو الهدوء، كما يتميزون بسرعة التأثر أحيانا وببطء الانفعال أحيانا أخرى، أما ردود الفعل العاطفية والانفعالية عندهم فهي أقرب إلى المستوى البدائي، وهم أيضا أقل قدرة على تحمل القلق والإحباط، كما أنهم يتميزون بعدم اكتمال نمو الانفعالات وتهدئتها بصفة عامة.
ب- المميزات الخاصة للمتخلفين عقليا
ضمن الفئات المختلفة تظهر لدى كل فئة من فئات التخلف العقلي صفات وخصائص قد تختلف نوعاً وكما عن مواصفات الفئات الأخرى، كالقدرة العقلية والقدرة على التعلم والقدرة على التكيف الاجتماعي، وإن كانت متدنية لدى جميع فئات التخلف العقلي بالمقارنة مع الأفراد الأسوياء، إذ نجد أن بعض فئات التخلف العقلي قابلة للتعلم الأكاديمي إلى حد ما في حين أن فئات أخرى لا تملك
تلك القابلية، كما نجد أن بعض الفئات قادرة على إنشاء علاقات اجتماعية مقبولة في حين أن فئات أخرى لا تملك تلك القدرة، ولذلك جرت محاولات عديدة للتعرف على الخصائص المميزة لكل فئة من فئات التخلف العقلي أهمها:
- الخصائص السلوكية للمعوقين عقليا: تتشابه الخصائص لدى المعوقين عقليا، إلا أنه يصعب تعميم هذه الخصائص على كل الأطفال المعاقين عقليا، بحيث لا تنطبق على كل الأطفال ومن أهم تلك الخصائص:
أ- التعليم: من أكثر الخصائص وضوحا لدى الأطفال المعاقين عقليا النقص الواضح في القدرة على التعليم مقارنة مع الأطفال المتناظرين في العمر الزمني كما تشير الدراسات، حيث أن الفروق بين تعلم كل الأطفال العاديين والمعوقين عقليا المتماثلين في العمر الزمني فروق في الدرجة والنوع.
ب- الإنتباه: يواجه الأطفال المعاقون عقليا مشكلات واضحة في القدرة على الانتباه والتركيز على المهارات التعليمية، إذ تتناسب تلك المشكلات طرديا كلما نقصت درجة الاعاقة العقلية، وبناءا على ذلك يظهر الأطفال المعاقون إعاقة عقلية بسيطة مشكلات أقل في القدرة على الانتباه والتركيز مقارنة مع ذوي الاعاقة العقلية المتوسطة أو الشديدة وذلك على الشكل الآتي:
1- يعاني المعاقون عقليا من نقص واضح في الانتباه والتعلم التميزي من حيث الأشكال والألوان والأوضاع، وخاصة لدى فئة الاعاقة العقلية المتوسطة والشديدة.
2- يعاني المعاقون عقليا وخاصة فئة الاعاقة العقلية المتوسطة والشديدة من الإحباط والشعور بالفشل، حيث يقوموا بمحاولة التركيز على تعبيرات وجه المعلم أكثر من التركيز على المهمة المطلوبة منه.
3- يعاني المعاقون عقليا من مرحلة استقبال المعلومات في سلم تسلسل عمليات أو مراحل التعلم والتذكر، لذا كان من الضروري لمعلم التربية الخاصة التركيز على مراحل التعلم والتذكر والعمل على مساعدة الأطفال المعاقين عقليا على استقبال المعلومات بطريقة منظمة.
4- يقوم المعاقون عقليا بتجميع الأشياء أو تصنيفها بطريقة غير صحيحة، ويعود السبب في ذلك للطريقة التي يستقبل فيها المعاقون عقليا تعليمات ترتيب أو تصنيف الأشياء، وعلى ضوء ذلك كله فليس من المستغرب أن يكون النقص الواضح في القدرة على الانتباه لدى الأطفال المعاقين عقليا سببا في كثير من المشكلات التعليمية لديهم.
ج- التذكر: يعتبر التذكر من أكثر المشكلات التعليمية حدة لدى الأطفال المعوقين عقليا، سواء أكان ذلك متعلقا بالأسماء أو الأشكال أو الوحدات وخاصة التذكر قصير المدى، بحيث تقل قدرة الطفل عقليا على التذكر مقارنة بالطفل العادي الذي يناظره في العمر الزمني، ويعود السبب في ذلك إلى ضعف قدرة المعاق عقليا على استعمال وسائل أو استراتيجيات أو وسائط كما يقوم بذلك
الطفل العادي، هذا وترتبط درجة التذكر لديه بالطريقة التي تتم بها عملية التعلم، فكلما كانت الطريقة أكثر حسية كلما زادت القدرة على التذكر والعكس صحيح، فعملية التذكر تتضمن ثلاث مراحل رئيسية هي استقبال المعلومات وخزنها ثم استرجاعها، وتبدو مشكلة الطفل المعاق عقليا الرئيسة في مرحلة استقبال المعلومات وذلك بسبب ضعف درجة الانتباه لديه.
د- انتقال أثر التعلم: يعاني الأطفال المعاقون عقليا من نقص واضح في نقل أثر التعلم من موقف إلى آخر، حيث يعتمد الأمر على درجة الاعاقة العقلية، إذ تعتبر خاصية صعوبة نقل آثار التعلم من الخصائص المميزة للطفل المعوق عقليا مقارنة مع الطفل العادي الذي يناظره في العمل الزمني، وسبب ذلك يكمن في فشل المعوق عقليا في التعرف إلى أوجه الشبه والاختلاف بين الموقف السابق والموقف
الجديد، حيث أن قدرة الطفل المعوق عقليا على نقل التعلم تعتمد على درجة طبيعة المهمة التعليمية ودرجة التشابه بين المواقف السابقة واللاحقة وهذة خصائص المعاقين عقليا.
لخصائص اللغوية للمعوقين عقليا:
تعتبر الخصائص اللغوية والمشكلات المرتبطة بها مظهرا مميزا للإعاقة العقلية، وعلى ذلك فليس من المستغرب أن نجد أن مستوى الأداء اللغوي للأطفال المعاقين عقليا هو أقل بكثير من مستوى الأداء اللغوي للأطفال العاديين الذين يناظرونهم في العمر الزمني.
وقد أجريت العديد من الدراسات حول مظاهر وخصائص النمو للأطفال المعوقين عقليا ومقارنتها بمظاهر وخصائص النمو اللغوي
للأطفال العاديين، وأشارت هذه الدراسات إلى اختلاف بين العاديين والمعوقين عقليا في درجة النمو اللغوي ومعدله، حيث أن الاختلاف في تطور النمو بين الأطفال المعوقين عقليا أبطأ في نموهم اللغوي مقارنة مع نظرائهم من العاديين، إلا أنه يمكن لمعظم المعوقين عقليا القدرة على اكتساب قواعد اللغة باستثناء الأطفال شديدي الاعاقة العقلية ولكن بمعدل أبطأ من اكتساب الأطفال
العاديين، أما المشكلات المتعلقة بمظاهر النمو اللغوي لدى الأطفال المعوقين عقليا فهي مشكلات النطق والتأتأة وقلة عدد المفردات اللغوية وضعف بناء القواعد اللغوية، كما أظهرت دراسات أخرى علاقة إرتباطية بين الاعاقة العقلية ومظاهر الاضطرابات اللغوية، حيث يشيع البكم بين الأطفال شديدي الإعاقة ويكون مستوى اللغة لدى هذه الفئة بشكل عام بدائيا، فهم يصدرون ألفاظا غير مفهومة وكلامهم يعوزه وضوح المعنى والترابط، وذلك لأن معدل النمو اللغوي لديهم أبطأ من الأطفال العاديين في اكتسابهم للغة.