0

يبدأ الإنسان في اكتساب مهاراته بشكل عام منذ المراحل المبكرة من عمره ، وتعد اللغة من أهم ما يكتسبه الطفل في حياته على الرغم من تعقيدها ، ولكنه يتعلمها على مراحل ضمن عوامل بيئية و عقلية و جسمية ، وحتى يتمكن الشخص من تعلم أي لغة ، لابد من تعلمة لمهارة القراءة كخطوة أولى لتحقيق هذا الهدف، ولكن من الممكن مواجهة بعض الصعوبات التي تعيق هذا التعلم ، لأسباب كثيرة منها طرق التدريس التي يعمل بها المعلم أو لأسباب تكون من الطالب نفسه أو السياسة التعليمية المتبعة ، مما يؤثر على مهارة القراءة لدى الطالب .

وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة جداًللقراءة ، إلا أن الدراسات أثبتت وجود ضعف لدى بعض الطلاب في القراءة ، حيث تظهر مشكلة العسر القرائي بين الطلاب و التي تؤثر سلباً على مستقبل تعليمهم ، لأنها تسبب لهم الشعور بالنقص و العجز و الإحباط الذي ينتج عنها لجوئهم إلى الهروب في بعض الأوقات أو التسرب من المدارس .

والقراءة تعتبر من أهم العمليات التي على الفرد تعلمها فهي التي تمكنه من بدء مشواره الدراسي ، ويعد الوعي الصوتي أحد الأساسيات التي تساهم في اكتساب مهارة القراءة ، فالوعي الصوتي يتمثل في التعرف على الأصوات في اللغة و بالتالي ترجمتها إلى رموز مقروءة ومكتوبة .

والكثير من المشكلات التي تواجه المجتمعات في تعليم اللغة خاصة في مراحل التعليم الأولى ترجع أسبابها إلى الضعف في الوعي الصوتي، ومن الجدير بالذكر أن تنمية مهارات القراءة والكتابة تعتمد بدرجة عالية على تنمية الوعي بالجانب الصوتي.

ان المتتبع للدراسات والأبحاث العلمية في هذا المجال يجد ان المهارات القرائية التي يكتسبها الأطفال خلال المرحلة التعليمية المبكرة تمثل قواعد أساسية لنجاح تعلم مهارات القراءة في وقت لاحق، وأنه خلال السنوات الأولى من المرحلة الابتدائية يكتسب التلميذ المهارات اللغوية الأساسية المتعلقة باللغة الشفهية التي تؤسس لمهارات القراءة .

وفي دراسة لمصطفى(2018) ذكر أن القراءة نظام معقد لاستخلاص المعاني من الرموز المطبوعة ، وقد حددوا عدد من القدرات المرتبطة بذلك النظام هي كما يلي :

1- معرفة كيفية ارتباط الوحدات الصوتية وأصوات الكلام بالرموز المكتوبة.

2- القدرة على فك رموز الكلمات غير المألوفة.

3- القدرة على القراءة بطلاقة.

4- توفير المفردات اللغوية والمعلومات والخلفيات الأساسية الكافية لتعزيز فهم المقروء.

5- توظيف استراتيجيات فعالة تناسب بناء المعنى من الرموز المكتوبة.

6- الحفاظ على الدافعية للاستمرار في القراءة.

ومن التعريف السابق يتضح الوعي الفونولوجي كأساس لنمو مهارات القراءة وفهم المقروء وأهمية تطوير هذه المهارات الى مستوى أعلى بهدف تنمية القدرة أو الاستعداد بوقت مبكر لتعلم مهارة القراءة والكتابة .

اما الوعي الفونولوجي فقد عرفه أبو الديار (2014) بأنه الوعي بمحتويات الكلمة من الأصوات التي تتكون منها ، ويساعد هذا النوع من الوعي الطفل على ادراك العلاقة بين الحرف المكتوب والصوت والمنطوق ويعد هذا الوعي أساسياً أو جوهرياً في عملية حل الرموز.

ويذكر الزيات (1998) أن الطلاب ذوي صعوبات التعلم يعانون من صعوبات في المهارات الفونولوجية phonological الأساسية اللازمة لإدراك العلاقة بين صوت الحرف وادراكه كرموز.

و في هذا الصدد أشارت دراسة ADAMS (1990) إلى أن 15% تقريباً من الطلاب الذين لديهم صعوبات في القراءة تكون بسبب الضعف في الوعي الفونولوجي فهم بحاجة الى تنمية وتدريب هذه المهارة .

و تشير كثير من الدراسات التي أجريت على مدى السنوات الماضية على أهمـية الوعي الفونولوجي في عملية تعليم القراءة بشكل خاص و الذي يحدثه ضعف الوعي الفونولوجي في ظهور صعوبة أو عسر القراءة.

فقد أكدت دراسة زايد (2014) على أهمية أن يتم البدء في تعليم الوعي أو الإدراك الفونولوجي للأطفال في مرحلة مبكرة منذ سن الرابعة من عمرهم ، حيث أن ذلك من شأنه أن يساهم في تسهيل اكتسابهم للغة , واكتسابهم للمهارات الأولية للقراءة , وتعلمهم القراءة بشكل عام .

و في هذا الصدد ذكرت دراسة عادل عبدالله (2005) إلى أن أهمية الوعي الفونولوجي ترجع الى أنه يعد ضرورياً لكي يتمكن الطفل من إدراك الحروف الهجائية و معرفتها. كما أن الوعي أو الادراك الفونولوجي خلال المرحلة المبكرة مؤشراً قوياً للنجاح اللاحق للطفل في القراءة ،أو ما يمكن أن يتعرض له من صعوبات لاحقة في القراءة.

وذكر في دراسة مصطفى ( 2018) الى أن تعلم الوعي الصوتي في المرحلة المبكرة يساعد على القراءة المبكرة والحد من احتمالية التعرض الى خطر صعوبات القراءة .

وتتفق نتائج الكثير من البحوث العلمية والدراسات أن العلاقة بين صعوبات القراءة و الوعي الفونولوجي علاقه سببيه فإن الضعف في الوعي الفونولوجي يسبب بدوره صعوبات في القراءة ،كما أن بينهما علاقة ارتباطية من ناحية أنه كلما ضَعِف الوعي الفونولوجي لدى الطفل كلما ازدادت صعوبات القراءة لديه ، ومن ناحية أخرى فإن بينهما علاقة تنبؤية فإن الضعف في الوعي الفونولوجي في المرحلة المبكرة هو يشير بدوره الى أن الطفل سيعاني مستقبلاً من صعوبات في القراءة .

ومما لاشك فيه أن للبرامج التدريبية أهمية كبيرة في تنمية مهارات الوعي الفونولوجي وقد أشارت نتائج العديد من الدراسات أن الأطفال الذين تعرضوا لتدريب مهارات الوعي الفونولوجي أحرزوا تقدماً كبيراً في مهارة القراءة مقارنةً بالذين لم يُدربوا عليها،ومن الجدير بالذكر أن أكثر من يستفيد من برامج الوعي الفونولوجي هم الأطفال الذين يعانون من صعوبات تعلم في القراءة .

ومن ناحية أخرى ذكر السرطاوي (2009) أن هناك اتفاق بين عدد كبير من المختصين على أهمية تضمين الطريقة الصوتية في تعليم القراءة كجزء أساسي من مناهج تعليم القراءة لجميع الأطفال في المراحل المبكرة.

وتساعد القدرة على حل الرموز المكتوبة وقرائتها بسرعة وسلاسة الى الانتباه الى معنى الكلمة واستيعاب المادة المقروءة، وأن تعليم الكلمة كوحدة واحدة (الطريقة الكلية) دون الاهتمام بالسمات الصوتية (الفونولوجية) للأصوات قد يؤثر سلباً على الأطفال الذين لديهم صعوبة في تعلم القراءة . ويعود السبب الى ذلك إلى أن هذه الفئة تعاني من صعوبة في تطبيق الاستراتيجيات الفونولوجية بشكل تلقائي ودون تدريب خاص على هذه المهارة أو تعميم المعرفة الصوتية من كلمة إلى أخرى.

وأخيراً :

إن من الواجب على المعلمين الاهتمام بتنمية الوعي الفونولوجي لطلابهم في مراحلهم العمرية المبكرة ؛ لأن ذلك يعد أمراً أساسي في عملية تعلم مهارة القراءة. والمهارات القرائية التي يكتسبها الأطفال في مراحلهم المبكرة تمثل قواعد أساسية لهم للنجاح في المراحل المتقدمة ، كما أن القراءة ليست مهارة منفصلة بحد ذاتها فمما لا شك فيه أن تأثيرها يظهر في جميع المجالات الأكاديمية الأخرى.

المراجع العربية :

1. أبوالديار، مسعد (2014) العمليات الفونولوجية وصعوبات القراءة والكتابة .الكويت: مركز تقويم وتعليم الطفل .

2. زايد، خالد سمير (2013) الوعي الصوتي وتعليم القراءة في المرحلة الابتدائية . مجلة القراءة رالمعرفة .ع١٤٨ .٢١٦-١٨٩

3. السرطاوي، عبدالعزيز؛ طيبي، سناء؛ الغزو ،عماد؛ منصور، ناظم.(2009). تشخيص صعوبات القراءة وعلاجها. ط1،عمان: دار وائل للنشر و التوزيع.

4. مصطفى ,ريحاب محمد العبد (2018). فعالية برنامج مقترح لتنمية الوعي الصوتى لدى تلميذات الصف الأول الابتدائي بالمملكة العربية السعودية. مجلة القراءة والمعرفة. ع196. 17-90

المراجع الأجنبية :

Adams, M. J. (1990). Beginning to read. Thinking and learning about print. Cambridge, MA: MIT Press.

  • 44660
  • 2 شارة ذهبية 1 شارة فضية 8 شارة برونزية